( 9 )
الشلال
في أحيان ما .. تنحدر العواطف بقوة ، تتدافع كتدافع الشلال ، تنخرط كل العواطف في صخب ربما ، لأن الباعث قوي أو مفاجئ..
من يحتمل أن يكون في لجة ثائرة ، تنبثق من مكان مرتفع لتسقط في القاع بلا وعي.. بينما كانت في دائرة غير المتوقع ؛ أصبحت فجأة حقيقة ماثلة .. هكذا تكون بعض المواقف التي تمر بنا ، صدمة.. مفاجأة..
وحينما ينحدر الشلال من المرتفع ، تنهمر تيارات الماء وأفواجه بقوة.. بصخب .. محدثا هديرا قويا .. وصوتا يبث الرهبة ويجعلنا نسكن – رغم صخبه- بخشوع .
من يخبر الحياة ؛ يعلم أن وجود الشلال في الطبيعة أمر مألوف ، ويعلم أن حدوث الصدمات في الحياة أمر متوقع في كل لحظة.. فإذا ما أهلت.. فقد هلت.. ولا بد أن تهل .. يا له من قانون ! لا يبدو لطيفا غير أنه مريح إلى حد ما..
فلا مناص إذا يا أحبابي ، فالقدر ينسج حكاياه دون إذن من أحد.. وعلينا أن نرتدي ما يفصله لنا متى شاء !
ألا يدعو ذلك للسخط ؟!
العاقل الحكيم يقول : لا.. ولا قيد أنملة .
إن الحكمة فوق ما نستوعب أحيانا ، وبخاصة إذا لم نتهيأ لها من تجارب الحياة السابقة أو من عمق التفكير والتأمل.. لذا علينا أن نؤمن بأن الخيرة دائما في صفنا إذا ما توكلنا على الله وأحسنا الظن به .
الشلال..
اذهب في رحلة.. وتأملْ انحداره ، أنصت إلى صخبه وهديره ، تأمل فورانه عند موقع سقوطه ، وتمعن في دخانه المتكاثف .. ثم انقل بصرك في المدى الممتد للماء بعيدا قليلا عن الشلال.. كم هو هادئ .. يجري بانسياب ، لقد كان يوما ينحدر ، فهدأ الآن وعاد إلى طبيعته المنسابة..
آمن بوجود الشلالات في حياتك ، وتأمل فيما تجلبه من منافع ، فلكل حدث رسالة سترقى بحياتك لو استوعبتها .