أغلقت باباً من خلفها .. ترنحت خطواتها وتواتر الظلام أمام عينيها .. تلمست طريقاً بين أثاث غرفتها وخيل إليها أنها تسير على الماء .. كان صوت أبيها يحيط بكيانها .. يخترق مسامها .. يعصر أحلاماً أنفقت سنينها القلائل فى نسجها ..
جلست الى كتبها وتناولت واحداً منهم .. فتحت صفحاته ولمست أناملها تلك القرنفلة الجافة .. خيل إليها أن الدنيا تضيق من حولها .. قبضت على زهرتها برقة حب مات تواً بأمر أبيها وبعنف غضب لا يملك حتى قدرة التعبير عن نفسه .. حائرة زهرتها فى كفها .. كحيرتها بين حروف نطقها أباها يصدقها العقل حيناً .. ويرفضها الفؤاد كل حين ..
حائرة بين أعراف يتمسك الأهل بحذافيرها .. ولا تعيرها هى وزناً ..قاموسها الخاص يترجم خوفهم المزعوم عليها إلى مجرد الرغبة فى التملك وفرض السيطرة .. ويحيل أوامرهم التى لابد وأن تجاب إلى قيود عانوا منها فى شبابهم ويجب أن يورثوها لأبنائهم ..
توقن بداخلها أن الأمر إنتهى .. أن الحلم تكسر على صخرة آرائهم .. وأنهم دهسوا رغبتها بأقدامهم ..
تلاشت حيرة زهرتها .. واستكانت لضغط الكف الصغير .. وامتزج رمادها بدموع الاستسلام ..