صَباحُكَ سُكَّرْ
شعر د. جمال مرسي
" ما أجمله من صباح يطل عليك فيه د. سلطان الحريري
فيحتسي معك قهوته ، تتجاذبان أطراف الحديث ،
ثم يودعك كالحلم على أمل اللقاء الجميل "
صباحُكَ سُكَّرْ .
صباحكَ أشهى من الكركديه الذي أحتسيهْ .
و من نسمةٍ دَاعَبَت رَوضَةَ الفُلِّ
أنقى و أطهرْ .
و من شاطئِ اللاذقيةِ
حيثُ اقترفتَ جنايةَ عِشقِ النخيلِ
و عشقِ الكتابةِ فوقَ الرمالِ
أُحبكَ يا موطناً للجمالِ
أُحبكَ أكثرْ .
أُحبكَ يا شامُ مُهراً له الريحُ تُطوى
لهُ الروحُ تُمهرْ .
و حين تُطِلُّ عليَّ بوجهٍ كمثلِ حليبِ الصباحِ
و سَمتٍ كما الفارسِ العربيِّ القديمِ
يُطوقُني ساعداكَ
و يغمُرُني ناظراكَ
و تطبعُ فوق جبينيَ قُبلةَ شوقٍ .
أَضُمُّكَ للصدرِ
أدعوكَ كي ما تشاركُني قهوةَ الصبحِ
تزعمُ أنكَ أشعثُ أغبرْ .
و ما زالَ يعبَقُ بالثوبِ رملُ الطريقِ الطويلِ
من الجامعِ الأُمَويِّ إلى ضِفَتَيِّ اللظى و العجاجِ
فأضحكُ ،
تضحكُ ،
نضحكُ أكثرْ.
***
حديثُكَ سُكَّرْ .
حديثكَ يا صاحبي نهرُ عنبرْ .
هسيسُ الندى للزهورِ
و شدوُ الحساسينِ فوقَ الغصونِ
إذا الصبحُ أسفرْ .
و أُذْنايَ تلميذتانِ تجيدانِ فهمَ دروسِ البلاغةِ
و النحوِ و الصرفِ
و الشدوِ و العزفِ
فانثر عبيركَ
لا تكترثْ بالتي في يساركَ
تنذرُ أن حانَ وقتُ الرحيلْ .
متى كان للوقتِ " سلطانُهُ " في اللقاءِ الجميلْ ؟ .
تَمَهَّلْ قليلاً
و دَعنِي لأغوارِ بحرِكَ أنظرْ .
و زدني هطولاً
فَبُستانُ عُمريَ يا صاحِ أقفرْ .
***
صباحُكَ سُكَّرْ
وداعُكَ يا صاحبي فيَّ أثَّرْ .
و فنجانُ قهوتِكَ المرمريُّ الذي وَشوَشَتْهُ شِفاهكَ
ما زال بالشهدِ يقطرْ .
و في ركنهِ قد نأى مثل طفلٍ حزينٍ
يُفتِّشُ عنكَ
و يصبو إلى لمسهٍ من حريرِ يديكَ
إلى رشفةٍ من شذا شفتيكَ
تُذيبُ و تُسكِرْ .
و لوَّحتَ لَوَّحتَ حتى اختفيتَ
و لم تُبقِ لي غير ذكرى
و شوقٍ زرعتَ بأعماق قلبي
و حلمٍ مضى في ثوانٍ
و يا ليتهُ
ليتهُ دام أكثرْ.
و دمتم