انفتحت أبواب المصعد الفاخر فى نعومة ، و غادره المسئول البارز ، و معه اثنان من حرسه الشخصى ، و تحرك ثلاثتهم بخطوات سريعة
– بقدر ما تسمح به صحة سيادة المسئول – تشف عن الاستعجال و التوتر فى ذلك الممر الطويل الذى يربط حجرات و أجنحة الطابق فى ذلك الفندق الفاخر فى هذه المدينة الساحلية السياحية الرائعة ..
و توقف الموكب الثلاثى أمام باب أحد الأجنحة الفاخرة ، و التفت المسئول الى مرافقيه قائلا بحزم :
- خليكم انتوا واقفين هنا .. و انا هادخل وحدى ..
قال أحدهما :
- بس يا فندم أمن سعادتك بيفر ..
قاطعه المسئول بلهجة غاضبة :
- مش عايز مناقشة .. أنا داخل أقابل صاحبى ، و عايز أقابله وحدى .. مفهوم ..؟..
رفع الاثنان يديهما على الفور بالتحية العسكرية صائحين :
- مفهوم يا فندم ..
حدجهما المسئول بنظرة قاسية ، ثم ضغط زر الجرس المجاور للباب ، و مضت لحظات قليلة من الصمت ارتفع بعدها وقع أقدام ملهوفة من خلف الباب الذى لم يلبث أن انفتح ، و ظهر من وراءه رجل طويل القامة أصلع ، كريه الملامح معقوف الأنف ، ما أن رأى سيادة المسئول حتى هتف فى حنين :
- صديقى .. أخيرا ..
و ألقى بنفسه بين ذراعى المسئول الذى عانقه فى حرارة و ربت على كتفه قائلا :
- الحمد لله ع السلامة ..
أفسح ساكن الجناح الطريق للمسئول قائلا :
- تفضل يا صديقى .. لن نتحدث على الباب ..
و دلف الاثنان الى الجناح و أغلقا الباب خلفهما ، و جلسا على " أنتريه " وثير ، و قام ساكن الجناح الى الثلاجة الملحقة بالجناح و صب كأسين من الكوكتيل المعد باتقان من قبل ادارة الفندق و وضع مكعبين من الثلج فى كل كأس ، و ناول المسئول أحدهما قائلا :
- تفضل يا صديقى ..
تناول المسئول الكأس شاكرا ، و ارتشف منه رشفة و راح يتطلع بامعان الى صديقه ..
كان واضحا أن هذا الصديق يمر بظروف سيئة للغاية ظهرت آثارها واضحة جلية على سحنته التى انطبعت بمسحة كآبة زادتها قبحا ، و ظهرت هالات سوداء حول العينين المحتقنتين اللتين اختفت منهما نظرة الثقة و الغطرسة و حلت محلها نظرة تشى بالتردد و الخوف و الضياع ، كما ظهر واضحا انشغال الصديق و همه فى اهماله لثيابه التى بدت " مكرمشة " و ربطة عنقه المتدلية على صدره و سترته الملقاة باهمال على مسند أحد المقاعد ..
و بينما راح المسئول يرشف كأسه بتمهل ، تجرع صديقه كأسه دفعة واحدة فاحتقن وجهه بشدة مماحدا بصديقه لأن يقول قلق :
- ايه الحكاية ( ايهو ) .. ؟.. أول مرة أشوفك ف الحالة دى ..
قال الصديق فى مرارة :
- أكاد أجن يا صديقى .. أكاد أجن ..
- كل دا علشان شوية المشاكل اللى عندك ..؟..
- و أية مشاكل .. اننى أشعر ان الدنيا كلها قد انهارت فوق رأسى ، و لا أدرى حقا ما أفعل ..
- يا عم روق دمك و ماتضخمش الأمور .. هىّ دى أول مرة ..؟.. ما انتو بقالكم أكتر من 50 سنة ع الحال ده .. ايه اللى جد يعنى .. ؟ ..
- ما جد هو أن الضغوط زادت علىّ جدا من الداخل و الخارج فى الفترة الأخيرة ..
- ( يضحك ) .. هاااهااا .. ضغوط مين ( ايهو ) ..؟.. طب دا العالم كله واقف معاكم بالباع و الدراع ، و أولهم احنا ..
- حقا يا صديقى .. انتم خير صديق لنا فى هذا العالم القاسى .. و صدقنى أننى عندما ضاقت بى الدنيا لم أجد سوى صدرك الحنون لألقى برأسى عليه و أبث اليه همومى ..
- ( بتأثر ) : و أنا تحت أمرك يا صاحبى .. فضفض و هات كل اللى عندك ..
فتح الصديق فمه ليتكلم ، و لكن التأثر غلبه فارتجفت شفتاه ، قبل أن ينفجر باكيا فى حرارة ، فنهض المسئول بصعوبة من مقعده و جلس بجواره و احتضن رأسه و راح يمسح على ظهره برفق و يهمس له بحنو بالغ :
- سد يا حبيبى .. سد ..
راح الصديق يبكى ثم " يتشحتف " قليلا بين ذراعى المسئول حتى هدأ ، فاعتدل جالسا و تمخط فى منديل ورقى قائلا :
- فففففففففف ... سامحنى يا صديقى .. ففففف .. لم أتمالك نفسى ..
ابتسم المسئول قائلا فى حنان :
- و لا يهمك يا جدع .. دا احنا صحاب .. قوللى بقى .. ايه اللى تاعبك و مجننك قوى كده ..؟..
تنهد الصديق بعمق و قال :
- المصائب التى تنهال فوق رأسى منذ توليت منصبى ، و آخرها موضوع خطف الأسرى الذى استحدثه المقاومون لاسترداد أسراهم ..
- بس انتم ما سكتوش ( ايهو ) .. سواء ف ( غزة ) أو ف ( لبنان ) .. و الطيران بتاعكم عامل شغل كويس أوى .. و ان شاء الله ربنا هاينصركم ..
- انت تتكلم يا صديقى من مقعد المشاهد ، و لديكم مثل شعبى يقول " اللى ع الشط عوام " ..
- قصدك ايه ..؟..
- اذا تكلمنا عن ( غزة ) ، فسأقول لك أننى " حطيت صوابعى ف الشق منها " .. منذ عام 48 و نحن لم نتوقف عن ابادة و اذلال الشعب الفلسطينى ، حتى بعد ظهور المنظمة الارهابية ( حماس ) فى العام المشئوم 87 ..
شعر المسئول بشئ من الملل لأن ضيفه العزيز سيبدأ فى سرد تاريخ يعرفه الصغير قبل الكبير ، و لكنه أخفى مشاعره فى أعماقه و تظاهر بالانصات و الدهشة قائلا :
- ياااه .. 87 .. حاجة غريبة و الله ..
تابع الضيف و كأنه لم يلحظ هذه المداخلة :
- فعلنا معهم كل ما أمكننا فعله لقمعهم .. قتلنا .. اعتقلنا .. عذبنا .. اغتصبنا .. لم يسلم منا أحد .. أطفال .. نساء شيوخ .. شباب .. حتى الأشجار و الحيوانات .. دمرنا بيوتهم .. اغتلنا زعمائهم .. و رغم ذلك .. رغم ذلك .. هييييهييي ..
و انفجر باكيا من جديد ، فراح المسئول يهدئ من روعه و يمسح دموعه حتى هدأ نوعا و ارتشف رشفات متتابعة من كأس الكوكتيل الذى صبه له المسئول ثم راح يتابع :
- لم نستطع كسر شوكتهم بعد ، و ليت الأمر اقتصر عليهم .. لقد فاجئنا الشعب الفلسطينى نفسه عندما اختارهم ممثلين عنه فى انتخابات حرة نزيهة ..
عند هذه النقطة ندت من المسئول حركة عصبية ، و التقى حاجباه فى مقت شديد ، و بدا كأنه سيقول شيئا و لكنه أطبق شفتيه و أنصت الى صديقه الذى تابع و كأنه يكلم نفسه :
- اختار الشعب الفلسطينى خيار المقاومة .. لم ترهبه قوتنا اللامحدودة .. لم تردعه دمائه المسفوكة و أعراضه المهتوكة .. لم تخدعه ادعائاتنا و عملائنا الذين حاولوا تثبيط عزيمته سواء من داخل ( فلسطين ) أو من خارجها .. لم تخدعه ( أمريكا ) كما خدعت و تخدع غيره ..
و بينما كان يتكلم كان المسئول يلف سيجارتين من الحشيش و ناول حداهما لصديقه الذى هز رأسه فى عنف رافضا :
- لا .. لا .. لا أريد ..
قال المسئول باصرار :
- اسمع الكلام ( ايهو ) و ولع .. هو دا اللى هايروّق دمك ..
- ( معترضا ) : أريد أن أحتفظ بصفاء ذهنى ..
- صفاء دى تبقى خالتك .. يا بنى دا هو دا بتاع الصفاء كله .. طب انت عارف دا اسمه ايه ..؟..
- اسمه ايه .. ؟..
- ( ضاحكا ) : كامب ديفيد ..
لم يتمالك الصديق نفسه من الابتسام ، فتناول " المسمار " شاكرا من المسئول و تركه يشعله له ، و سعل قليلا فى البداية ثم استرخى و غاص وسط دخان البانجو المتصاعد لدقائق قبل أن يسمع المسئول يتساءل :
- لكن ( ايهو ) كل الكلام اللى بتحكى فيه دا العالم كله عارفه .. أنا برضه مافهمتش ايه اللى جد و خلاك ماشى تكلم نفسك كده ..
نفث الصديق دخان الحشيش و أجاب فى مرارة :
- ألا تتابع قناة ( الجزيرة ) يا صديقى ..؟.. لقد جائتنا فرصة ذهبية لتحطيم ( حزب الله ) و انهاء اسطورة المقاومة فى ( لبنان ) و المنطقة .. فرصة لم نكن نحلم بها ، و كنا ننبش التراب بحثا عنها بعد أن أعددنا العدة لتحقيق هذا الغرض و كان فقط ينقصنا المبرر أمام العالم ..
هنا أطلق المسئول ضحكة ساخرة ، و قال فى دهاء :
- مبرر ..؟.. انتوا كان ناقصكم مبرر ..؟.. من امتى ..؟.. ده انتوا عمركم ما كنتم محتاجين مبرر .. و بعدين المبررات على قفا مين يشيل ..
و راح يقلد لهجة الرئيس الأمريكى ( بوش ) :
- ( ايزراييل ) هاز تو ديفاين ايت سيلف .. ايفرى نيشن هاز تو ديفاين ايت سيلف .. هاااهاااهاا ..
قالها و انفجر يقهقه ، فى حين لم يتمالك الصديق من الابتسام للمرة الثانية و هو يقول :
- حقا يا صديقى لم نكن يوما بحاجة لمبررات لنذبح العرب .. و لم يجرؤ أحد يوما على محاسبتنا على ما نفعل ..
و نفث دخان الحشيش ثم قال بتوتر :
- و لكن المسألة هذه المرة ليست مسألة مبررات .. لقد كان لدينا مبررا مرموقا أمام العالم لنحطم ( حزب الله ) .. استعادة جنودنا المخطوفين .. و بناء عليه فقد اندفعنا بأقصى قوتنا " بتقلنا كما تقولون " و لم نقتصد فى ذخائرنا .. قصفنا بالصواريخ كل جسم متحرك رصدته أعين طيارينا .. نسفنا الجسور ..هدمنا البيوت على رؤوس قاطنيها .. دمرنا ( لبنان ) بالكامل ..
قال المسئول من بين الدخان :
- لا تنس دعمنا لكم ..
- لا أحد ينكر أن دعمكم لنا يا صديقى كان ركيزة هامة فى خطتنا .. و لكن ما كانت نتيجة كل هذا ..؟.. عجزنا عن تحطيم ( حزب الله ) .. عجزنا عن قتل زعيمه ( حسن نصر الله ) .. عجزنا عن وقف تساقط أمطار ( الكاتيوشا ) فوق رؤوسنا فى مدننا الشمالية .. عجزنا عن التقدم لمسافة تذكر داخل الأراضى اللبنانية .. عجزنا عن تأليب اللبنانيين - مع هشاشة بنيانهم الطائفى - على ( حزب الله ) الشيعى .. عجزنا حتى عن ايقاف بث محطتهم اللعينة ( المنار ) .. عجزنا .. عجزنا .. و فى المقابل خسرنا سمعتنا التى بنيناها على مدى النصف قرن الفائت .. مقاتلو ( حزب الله ) لعبوا بنا الكرة فى ربوع ( لبنان ) و مزّقوا رجالنا اربا .. و أجبروا ( أمريكا ) على أن تتدخل لانقاذنا بوقف الأعمال العدائية .. خسائرنا الاقتصادية تقدر بعشرات المليارات .. و أمام العالم كله ظهرنا بصورة الدولة الارهابية الشرسة .. و فوق كل هذا ( يتهانف صوته ) .. السكاكين فى ( اسرائيل ) تشحذ لذبحى باعتبارى مسئولا عن هذه الهزيمة الغير مسبوقة فى تاريخنا ..
و انفجر باكيا فى حين صاح المسئول مستنكرا :
- هزيمة ايه اللى بتتكلم عنها ..؟.. يا صاحبى انتوا انتصرتم .. أمال تسمى تدمير ( لبنان ) و انتشار الجيش اللبنانى و قوات ( اليونيفيل ) فى الجنوب ايه ..؟..
- ( من بين دموعه ) : كل هذا كلام فارغ نقوله أمام الكاميرات و الميكروفونات .. انما الحقائق ثابتة واضحة للجميع .. المقاومة الاسلامية فى ( لبنان ) حطمت اسطورة الجيش الذى لا يقهر ، و بالفعل يا صديقى لا أحد يمكنه نزع سلاح ( حزب الله ) و بخاصة بعد ما حدث .. أما بالنسبة لى فقد انتهى أمرى ..
احتضن المسئول رأسه و قبله و راح يربت عليه فى حنان و يهدئ من روعه :
- هدى نفسك ( ايهو ) .. كله هايبقى تمام باذن الله .. و اهى حرب تفوت و لا حد يموت ..
ارتفع فى هذه اللحظة رنين جرس الباب ، فمسح الضيف دموعه و نهض يضغط زر الدكتافون المثبت على الحائط فانبعث منه صوت انثوى دافئ أن :
- الروم سيرفس أدون .. طعام الغداء ..
فتح الصديق الباب و أفسح الطريق للجرسونة الشابة كى تدخل السويت دافعة منضدة متحركة حفت بأشهى أصناف الطعام و لمعت عيناه بالشهوة و هو واقف يتطلع الي جسدها فى شبق و هى ترص سيرفيس المائدة ببراعة بعد أن حيّت المسئول فى خشوع ثم انصرفت بعد أن اطمأنت أن " كله تمام " ، و لا حظ المسئول أن ضيفه " مش قاعد على بعضه " منذ أن قدمت الفتاة فسأله فى خبث :
- ايه الحكاية ( ايهو ) .. ؟.. البت عجبتك و اللا ايه ..؟..
جفف الضيف عرقه و أجاب لاهثا :
- صراحة يا صديقى .. الفتاة " مهلبية " ..
ابتسم المسئول قائلا :
- ياسلام .. غالى و الطلب رخيص .. اذا كان هو دا اللى هايريحك تبقى تاهت و لقيناها ..
و أخرج هاتفه الخلوى ليجرى مكالمة سريعة بصوت خفيض ، و ابتسم و هو يغلق الهاتف قائلا :
- خلاص يا سيدى .. المهلبية ع النار ..
- ( منبهرا ) : هل تقصد ..؟..
- ( مقاطعا ) : أيوه يا سيدى ..
- ( متأثرا ) : حقا لم أر من هو أعظم منك كرما يا صديقى .. لكن هذا الكرم قد يثير رجالك ضدك ..
- ( ضاحكا ) : هااهاااهااه .. ضحكتنى يا شيخ و انا ماليش نفس أضحك .. رجال مين دول ..؟.. دول نسوان بطرح .. قال رجال قال ..
واعتدل مستطردا :
- انت فاكرنا هنا زى عندكم .. ؟ .. لا يا صاحبى .. دى تبقى عيّلت .. أى واحد من رجالتى اللى بتتكلم عنهم دول تحت جزمتى .. ما حدش يقدر يناقشلى أمر ، و لا يرد لى كلمة .. كلهم خدامين عندى ، و مهمتهم ف الحياة انهم يخدمونى برموش عنيهم ..
- لكن حقوقهم الد ..
- ( مقاطعا ) : بلا حقوقهم بلا واجباتهم .. أما يبقوا بنى آدمين الأول و يعرفوا معنى كلمة ( حق ) يبقوا يطالبوا بيها ، و برضه مش هاينولوا منى لا حق و لا باطل .. حقوق آل .. يا صاحبى دول حيوانات ، مالهمش عندى غير الأكل و الشرب ، و برضه أديه لهم بمزاجى ..
ظل الصديق ينظر مشدوها الى المسئول الذى ابتسم فى زهو و قال :
- هىّ دى سياستى ف الشغل من ساعة ما توليت منصبى ، و لو اتهاونت لحظة واحدة مع السفلة دول مش هااخلص .. و بعدين أنا انت عايز رجالتى و ناسى يقولوا عليا انى ماعنديش رجولة و لا مجدعة علشان عزّيت عليك حتة بت مالهاش تمن ..؟.. لا .. دا انت حتى ماترضهاليش .. كده و الا ايه ..؟..
أسرع الضيف يقول :
- بالطبع لا أرضى لك هذا يا صديقى .. انت حقا رمز من رموز الكرم والرجولة الحقيقية فى المنطقة ..
انتفخت أوداج المسئول فخرا و قال :
- بينا ناكل لقمة بقى و نشرب لنا كاسين ف صحة الرجولة و المجدعة ..
و أثناء الافتراس راح المسئول يداعب ضيفه و يطعمه بيده بكرم بالغ ، بينما الضيف لا يكاد يطيق صبرا على قدوم" المهلبية " ، و مرت الدقائق بطيئة ثقيلة الوطء ، حتى اندلع فجأة فى الطابق كله صراخ انثوى مدو جعل الضيف " يكش ف هدومه " ، بينما لم تهتز شعرة فى رأس المسئول الذى أجرى مكالمة هاتفية سريعة ثم قال لضيفه مبتسما :
- معلهش ( ايهو ) .. يظهر البت معصلجة شوية ..
- ( محرجا ) : لا داع اذن لل ..
- ( غاضبا ) : ماتكمّلش .. مش أنا اللى يتقاللى كده .. أنا راجل قد كلمتى ، و أما أقولك ح تلهط م المهلبية تبقى ح تلهط م المهلبية ..
و مال نحو ضيفه مستطردا :
- شوف .. البت ف السويت اللى جنبنا ، و رجالتى موضّبينها لك و مكتفينها لك ، و لو عايزنى أنا نفسى أروح أمسكها لك معاهم و الله أروح .. دا انت ضيفى .. و اكرام الضيف واجب ..
نهض الضيف و عانق المسئول بحرارة قائلا فى تأثر :
- متشكر جدا يا صديقى .. لن أنسى كرمك و رجولتك ما حييت ..
ربت المسئول على كتفه قائلا فى تواضع :
- ماتقولش كده .. دا احنا صحاب ..
و صمت لحظة قبل أن يقول بتردد :
- بس أنا ليا عندك طلب صغيّر ..
كان الضيف قد بدأ يخلع سرواله و هو يقول :
- خيرا يا صديقى ..
- الجماعة الخواجات صحابك اياهم .. زعلانين منى بقالهم فترة ، و مضيّقنها عليا ، و قاطعين عنى الميه و الهوا ، مع انى و الله يا صديقى قايدلهم صوابعى العشرة شمع .. مش عارف أرضيهم ازاى .. ؟..
قال الضيف و قد وقف عاريا الا من ملابسه الداخلية :
- اطمئن يا صديقى .. بمجرد عودتى سأهاتفهم ، و أعدك أن تعود الامور الى مجاريها فى أقرب فرصة ..
- ( فرحا ) : ربنا يخليك يا رب ، و ينصرك على مين يعاديك .. ياللا بقى روح الحق المهلبية قبل ماتبرد ..
و انطلق بعدها عائدا الى مكتبه كرئيس مجلس ادارة الفندق بينما صراخ الفتاة الجارى اغتصابها يتعالى و كأن الأرض نفسها هى التى تصرخ ثم راح الصراخ يخبو شيئا فشيئا حتى تلاشى تماما ، و عندها أخرج رئيس مجلس الادارة هاتفه ، و طلب رقم ضيفه ، و ما أن أتاه صوته اللاهث الغارق فى النشوة حتى قال مبتهجا :
- ايه الأخبار ( ايهو ) ..؟.. عجبتك المهلبيّة ..؟.. ماشى يا عم .. أى خدمة .. و لو عايز ( أم على ) كمان أبعتها لك .. ده أنا بتاع الشرقى كله .. تحت أمرك دايما يا صاحبى بس انت ترضى .. ياللا .. لا اله الا الذى آمنت به بنو ( اسرائيل ) ..
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
- تمت بحمد الله -