بعد الفرار
أحمد حسين أحمد
مقدمة
الليل في المنفى كئيبٌ،
والنهارُ بلا قرار
وحدي، وتقذفني المواجعُ فوق حاويةٍ لنار
لا البيتُ يغني غربتي،
لا ليس ينقذني الفرار
أنأى بنفسي عن بلوغ الغيمِ،
من منفى إلى قبوٍ بغار
1
مرّتْ ليلةٌ،
أكملتُ رحلي غارقاً في الوحلِ،
صوب المارد الفرات
مستسلماً للريحِ والضباب
أحملُ قرطاسي بلا خريطةِ الطريق،
أو طارقةٍ لباب
وكانت الشطوطُ مستريحةً،
والنخلُ بعد( الزاب)،
يلفّهُ (المارينزُ) والذباب
وراقصاتُ المدنُ الجديدة
يرقصنَ للملوكِ والثعالبِ السعيدة
وآخر الكلاب
2
ما أروع المكوث في الشواطئ اللطيفة
ما أعمق الرموز في القصائد المخيفة
كنتُ بلا مترجمٍ وصاحبي القرطاس،
يحدّثُ الفرات والوسواس
عن مصرع الراقصة الخفيفة،
والعازفُ (الزرياب)
كان لصوصُ الليل والنهار عند شاطئ الفرات يسكرون
والجنرالُ القاتلُ المأجورُ في بواطن الحصون،
يغتصبُ المادون
في حضرة الخليفة
3
الليلُ في المنفى ،
وفي كلِّ الدروب
وريثنا الشرعيُ والمستوطنُ المندوب
جاء قرانا حاملاً بشارة
لكلِّ قطّاعِ الطريقِ،
أو مَنْ عاش في مغارة
أنْ أطلقوا السيوف في الأعناق
وقطّعوا الأرزاق
هذا هو المنطقُ والصواب
فهذهِ المدائنُ العابسةُ الكسول
تنتظر الإشارة
للنومِ في السرداب
4
جماجمُ الفقرِ لها مناسكٌ،
أحلامها تباتُ في محارة
5
أعودُ من ممالك الضباب للنهرين
أعودُ بعد أن توشّحتْ وسادتي بالدمعِ،
واستعبدني التنين
أعودُ للنورين
أبحثُ عن مضارب القبيلة
وعن جواد الشيخِ،
عن بارقةٍ بديلة
وجدتُ أنَّ الأهلّ ماتوا، قُتلوا،
واستوطن الخصيان
من أول الشطِّ إلى معرّة النعمان
....................
وعسعس الليلُ على (برلين)
6
قصائدي حرائقٌ أطعمتها النيران
عسى يراها العورُ والعميان
وحاكمُ المدينةِ السكران
7
الليلُ في كلِّ الدروبِ يستريحُ،
والصباح..
يعانقُ الأشباح
أنتظرُ البعثَ ،
فيا جماجم الرياح
قومي إلى السلاح
مرَّ بنا الإسكندر الكبير والنجوم،
تعانقُ الأرواح
ألمانيا 19/12/2006