شعور بالهدوء أخذ يتسلل إلى أعماقي, ينفض عني بعضا من التعب والإرهاق وأنا اتأمل أوراق الشجر المبللة بالمطر, وضوء القمر ينعكس عليها فتعطي جمالا خلابا, تتجمع حبات المطر على أطرافها ثم تنزلق بلطف إلى الأسفل فتحدث نغما منسجما مع صوت مخلوقات الليل العجيبة ..
فترتسم بذاكرتي صورة التمثال الحزين الذي قرأت عنه في المدرسة...
كان يربطني به شعورغريب , فكنت أنزوي في ركن من أركان البيت وأبقى لساعات طوال أنظر إلى ملامحه التي رسمت باحكام, وفي ذهني أنه إنسان يحس ويشعر ويتألم ..
فكنت أسال المعلم دوما:
لماذا حكم عليه بأن يظل وحيدا ؟مقيدا ؟
فكان المعلم يردد :
إنها فقط من نسج الخيال ....
لكن التمثال عاش بداخلي, كبر معي وكنت أرى دموعه في كل مرة تطل علي الحياة بقيد جديد .
أوعندما أعجز عن اجتياز ممر لم يضعوا فيه مكانا لأشخاص يعانون مثلي, كانت دموعي تنهمر كشلال فتبدو نقية فضية اللون, عندها تبزغ من مكان ما في مخيلتي صورة التمثال الحزين.......
وهو يراقب صديقه السنونو, يحثه على أن لا يعود إلا بعينه التي سلبت منه , أشياء كثيرة سلبت منا ولم نجد من يسترجعها لنا!!!
لم يعد بوسعي أن أتظاهر أن منظر التمثال فقط هو من جعلني أبكي ............
ابتعدت عني أيام الصبى وطمس الزمن معالم الصورة ,بقي منها ذكرى حزينة كلما عجزت عن أن أحقق حلما ما ...طفت إلى السطح
طائر السنونو هاجر إلى بلاد يفصلني عنها آلاف المسافات ,يبحث عن ربيع آخر....
حينما سألتني صديقة أحبها كثيرا :
لماذا يطل الحزن من عينيك؟؟؟!!!
نفضت الغبار عن ذكريات لن أنساها ماحييت, أيام طفولتي حيث كنت أثابر من أجل الأفضل ..
هل كان هذا هو الافضل ؟؟؟
يخيل إلي أن التمثال يبتسم بداخلي, لأنه تحرر من ذاكرة الصورة التي سكنت أعماق فؤادي ..
وإلى أن يعود السنونو, سأظل هنا أرنو إلى الأفق تجلل نظراتي ابتسامة أمل..........