(المغادرون ) وقفت أقرأ هذه الكلمة التي فتت كل قواي ، اقرأها وأنا أحاول أن أجمّد
الدموع في عيني , أحاصرها لكي لا تفضح حالي , هاهو أراه راحلا أمامي , وأنا أحاول
أن اعطيه دفعات معنوية , ببسمتي التي كنت ارسمها بصعوبة على وجهي , بكلماتي وأنا
اتمنى له التوفيق والسلامة , ومشيت خلف الألم اسكبه في قلبي , بكل حنان ورضى ,...
نظراتي عانقت صورته الأخيرة , وهو مرتد ملابسه الأنيقة , حاملا حقيبته المدلاة على
كتفه , واضعا قبعته الرياضية , وكعادته كان قويا حنونا بنظراته , نظر الي بكل رقة
بعينين يخفي خلفهما حزنا وقلقا , نظر إلي ليقول : هيه .. . أنت ياحلوة , يا أختي
المدللة , وصاحب كلماته الآسرة , غمزة جميلة بعينه اليسرى ... انتبهي ودللي العرسان
, مشيرا الى أبي وأمي ... هكذا هو يختلق المزاح ليلطف لحظات الوداع القاسية , قلت
هما في عيوني وسنحتفل بهما يوم عودتك الينا ...
خرجنا من المطار وكأننا في حالة من فقدان الوزن ، و الدموع أغرقت أعيننا .. نظرت
إلى اللوحة التي علقت على إحدى جدران المطار ... ارتسمت البسمة على شفتي مسحت
دموعي .. لأني قرأت ... القادمون ...