رؤية في نص الأديب / مأمون المغازي ( تباريح )
نص استوقف الكثير من القراء بجمال حرفه ، ودقة تصويره ، وبالنقد الأدبي له كنص قصصي .
هنا أحاول أن أقوم بقراءة نقدية لسببين :
الأول : جمال النص وأسلوبه السردي .
الثاني : امتحان قدرتي على خوض غمار تجربة القراءة النقدية ، راجية من أساتذة النقد واللغة تقييم هذه القراءة ، وهذا من باب تطوير الذات ، فما زلت تلميذة أتلقى العلم على أيديكم .
بداية .. أنوه إلى أن أسلوب الأستاذ الأديب / مأمون المغازي ، أسلوب قوي السرد رائع المفردات ، عميق الصور ، ينقش الحروف بنبض القلب ، لذا نرى أن أي نص لمأمون المغازي ، يتفرد بموسيقى مميزة ، وسبك رائع .
في هذا النص ، دمج الأديب فن الرسم وفن الكتابة ، ليعطي نصه بعدا آخر في التأثير على القارئ ، حيث استهل النص بالجلوس إلى الصورة ..
وأي صورة التي جلس إليها الكاتب ، هي صورة منظورة وصورة أخرى غير منظورة ، الصورة المتجسدة أمامه ، والصورة المرسومة على لوح الذاكرة ، بخطوطها السطحية والعميقة وألوانها الباهته والقوية ، والتي شكلت بخطوطها فكرة النص .
تباريح ..
قصة بقلم الأديب / مأمون المغازي ..
هذا النص ، الذي اعتمد على حوارية مع الذات من خلال الذاكرة ، معتمدة أسلوب الاسترجاع ، من خلال لوحة حفرت في الذاكرة بكل تفاصيلها ، مرتكزا في فكرته على الخط الذي هو محور السرد ، والخط هو أول ما يبدأ به الرسام لوحته ، وكأن المستقبل في الماضي لوحة رسمت ولم تكتمل ، فعاد ليكملها في لحظة من لحظات الألم والشوق ، هربا من واقع غاير كل ما خطط له ، أو ما رسمه في اللوحة التي كان يملك كل خطوطها وألوانها يوما وثق فيه ، فغدر به .
الخط بعمقه ، الخط باضمحلاله ، قوة اللون وبهاؤه ، أمور نفسية مرت بها شخصية القصة ، وهي ترسم تلك اللوحة ( المستقبل الذي حلمت به ) ..
النص أتى بشكل فيه حديث مع الذات ، يدور حول فكرة مفهومة للكاتب ، لكنه لم يشرك القارئ بها ، يعرفها يحفظ تفاصيلها ، يمتلك أدق التفاصيل ، لكنه لا يبوح بكل شيء ، فقط نجد الخط الرمز، الذي حدد اللوحة ، واللون الذي لونها ما بين لون قاتم أو لون باهت ، حسب تغير المشاعر ، وحسب تغير الخطط للوصول للهدف ..
قصة حب عاشتها شخصية الكاتب ، قصة لم تكتمل ، حال الفراق دون أن تصل إلى النهاية المرسومة لها وهذا هو أساس اللوحة ، قصة لعب القدر والناس بتغيير تفاصيل نهايتها .
شخصية القصة ، بحوارها مع الذات داخل إطار اللوحة ، تبحث عن مهرب من واقع لا تستطيع تقبله ، وتلجأ لجلد النفس على ما لم تقترفه بأن تحمل نفسها اللوم على نهاية لم ترسمها .
الأديب مأمون المغازي ، يمتلك حسا رقيقا ، وتعبيرا رائعا اعتمد عليه في الكتابة ، مركزا على الجماليات ، ليخرج النص أقرب إلى النثر منه إلى القصة .
النص .. كأسلوب أدبي ، حقق نجاحا من حيث جمالية التعبير ، والنغمة التي جعلت النص ينساب في نفس القارئ بسلاسة وعذوبة ، فبهر الأعين بهذا الجمال ..
ما أفلت من يد الأديب / مأمون المغازي ..
أنه كتب القصة بنثرية فاقت الروعة ..
واعتمد على مقاطع الأغاني ليصل إلى النهاية ..
أتمنى أن يتقبل هذا الأديب السامق قراءتي البسيطة المتواضعة لنصه .