فـــطّـــوم
فاطمة ..... ابنة الجيران , طفلة صغيرة لم يكد عمرها يتجاوز الخامسة , كلما نظرت إلى عينيها رأيت فيهما إخوتي الصغار بل كل الصغار , وكأن طفولتها غلبت على بلوغي فشدتني إلى عالمها لأعيش الطفولة من جديد أو ربما لأول مرة .. حتى إذا رأيتها مع أبيها حرت على من أسلم أولا ... ومن براءة عينيها قرأت هذه الأبيات تقول هي فيها أعني أقول أنا فيها....
أقول في منظومتي فطّوم يا فطّومتي يا طفلةً من ضعفها ملكت مناط القوّةِ فالطفل يحكم أمّهُ والأب للمشورةِ إذا أردت حديثها فابدأ بالانحناءةِ أو فارفعن سمّوها كي تحظى بالإجابةِ واجعل يديك عرشها صاحبةَ الجلالةِ بِطْريقةٌ في مشيها حجٌّ كحجّ اللعبةِ حتى لترجو قضمها كقطعة (الشّكلاتةِ) وشعرها المذهبُّ مهذّبٌ بالخلقةِ يرتاح فوق ظهرها كصنعة المهتمةِ كأنها قد أدركت كذا وبالغريزةِ بأنها تحتاجهُ لحبك دور الغنجةِ وأنفها لم يستو بعدُ كأنف القطةِ والثغر وردٌ أحمر من غير عوز الحمرةِ والوردُ في وجناتها يُسقى بماء الدمعةِ قصّت براءة عينها حكاية الطفولةِ حكاية ما عشتها عرفتها بالسمعةِ قد بعتها بدرهمٍ لا بل بكسرِ الخبزةِ بجنب بيت جارنا أعني خيام الضفّةِ إذ كنت محتاجاً لها لسدّ جوع إخوتي من قبل أن يستشهدوا غدراً وبالخيانةِ كانوا صغاراً مثلكِ وبمنتهى الطهارةِ لكنّ ذلك ما عنى شيئاً بشرع الغابةِ ما يشفع الطهر لدى أهل الخنا والغيلةِ وبأيّ ذنبٍ قتلهم أبتهمة الموؤدةِ ألم يكن صغارنا شركاء في البراءةِ لسنا نعبئ مثلهم عقولهم باللّعنةِ أم طفلهم طفل الرضا وطفلنا طفل التي رحم الإله روحهم أهدي لهم قصيدتي هب أنني رثيتهم ما نفعها مرثيّتي إذ لن يعودوا لي ولو تفجّرت مرارتي وفيمَ أبغي عودهم فليهنؤا بالجنةِ من يشتهي إبدالها بهذه الغرورةِ فطّوم فيمَ بكاؤكِ ألأجل عصر السرعةِ لا تعجلي فديتكِ هذا أوان الفرحةِ غداً ستبكي مثلنا مصارع الكرامةِ غداً غداً ستتقني فنّ الأسى والندبةِ لتندبي كنسائنا ضياع عزّالأمةِ لتندبي قوماً رضوا بالذّل والمهانةِ وحكّموا في شرعهم همجاً وباسم العصبةِ فهل عسى عويلكم يكفي لحلّ الأزمةِ ؟ عذراً إذا كلّمتكِ حقّاً بتلك الصيغةِ لكن عزائي أنكِ جديدةٌ في الصنعةِ وربّما لم تفهمي شيئاً من الروايةِ لكنّ جهلكِ جائزٌ للسنّ يا صغيرتي والجهل عندي واجبٌ وضعوهُ للدراسةِ لم يحذفوا دروسهُ من منهج الوزارةِ فهو الدواء لدائنا بحكم أمر السادةِ كمخدراتٍ أُدمنت تُعطى بدون الوصفةِ فهل ترى ترضي بأن تكوني لي صديقتي إني لطفلٌ مثلكِ لا تفزعي من لحيتي أكل الزمان ساخراً شعري فبانت صلعتي أدركتها متأخراً ما همّكِ من شيبتي والله إني مثلكِ حتى اسألي خطيبتي عرفت بأني طيبٌ بل غارقٌ في الطيبةِ أبدو كطفلٍ قربها من عزم فرط اللوعةِ كل الرجال كذلكِ في الحبّ والصبابةِ غداً تري بنفسكِ وتدركي مقالتي نعم , نعم , هيّا اضحكي بل قهقهي يا طفلتي أشتاق من عمرٍ مضى لمثل تلك الضحكةِ ضحك الصغار ووحدهُ غذاء بسط الحارةِ لكنه غالٍ كما سعر الدوا واللقمةِ فكلّ شيءٍ باهظٌ إلا دم العروبةِ