يا أمير القلب كم أرجو وكمْ أسكب الدمع علـى رجـع الأنيـنْ أنــتَ لــي نـظـرة إشـفـاق بــدتْ نجـدةَ المنـقـذ أو سـكـبَ الحنـيـنْ بَوحُـك الحاكـي إلـى بوحـي دنـا غيـر أنـي وهـْنُ أحـداث السنيـنْ لم يَعُدْ من صبريَ الواهي سـوى خفقـةٍ حـرّى علـى دمـعٍ سخـيـنْ حسْـبـه فــي محـجـري منحبـسـا لا يَرى مني سوى طرف ركيـنْ ياحبيبـي طــال فـيـك الـشـوق لا لا تزدنـي فــوق أكــدار السنـيـنْ
لم تمض ِ أيام قليلة حتى رأيتكِ تتوثبين أمام عيني في حُلة المُلْك البهية،وعلى رأسكِ تاجُ العظمة المرصّع بجواهر النفائس ونفائس الجواهر، يكاد الطرْف يزيغ ُمسحورا مبهورا بين جواهر الهامة، وخلاخل القدمين ،وعقيق الثغر الفاتر، وأساور المعصمين..نزلتِ من علوِّ عرشك ،وأبّهة سلطانكِ وملكك لتراقصي قلبي على أنغام البلاط الملكي ،وسيمفونية العرض العسكري،في الوقت الذي لا عهد لي بكل ذلك إلا السماع وشارد الذكر ..فما أنا إلا نسيج شاعرٍ اشترك في غزْل خيوطه لفْحُ الصحراء ،ولجةُ البحر الزرقاء،يُمسي مع الطير في وكْرهِ ،ويصبح مع الوحش في غابه وبَرِّه.. ويستبيح أجواءَ الجمال الفطري ليدخلها مادة الأساس في صناعة شعره...حتى أتيتِ - أيتها الملكةُ –لأطيلَ إلى سُموّكِ نظرةَ الحيرة في شخوص يُذهل أكثر مما يُقِرُّ ويُطَمْئِنُ ،فإذا أنهيتُ معك نظرةَ الحيران ،استقبلتُ معك دهشَةَ الولهان، فرأيتُكِ بين الجموع حاملةً في يمناك سوطَ الآمر المتجبّر ،وفي يسراك سوط الناهي المُحَذِّرِ ،والويل كل الويل لمن خالف لكِ أمرا ،أو اجترأ لك نهيا ،إنَّ النكال إذاً لمصيره،وغضب مولاتي الملكة فرشُه وحصيرُه. كيف لا وسيفُها الحادُّ لا يتواني عن الرقص على ساحات الرقاب المخالفة.
أميرة قلبي ..أنا منْ يعلم فلسفة كل هذا الجبروت ،وذاك من أول يوم دخلتِ فيه عليّ محاولة كسر بابي للدخول عليّ فانفتح الباب في يديكِ طواعيةً على رغم استعصائه وصموده في وجوه الملوك ،وما ذاك إلا لأنك في الظاهر ملِكَتُهُمْ والمتفوقة عليهنّ حُسنا وحسنى،وحِكمةً وحُكماً ،وفي الباطن ملِكة قلبي وأميرتُه المدللة ،وشأن الملوك" إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة" ،أما أنتِ فيقينا تعلمين أنَّ قرية سلطانك ومحدودية ملكك إنما هي حدود قلبي الذي كُتبَ اسمُك على كل صفاحه،وغُرس حبك في كل أراضيه وبطاحه..وكم يُعجِزني الحبُّ في أسراره وعجائبه! حينما أرى مَلِكة قلبي تتخلّى عن بُرجها العاجيّ وعرشها الساجيّ لتُمَركِز حبيبها ملكا وأميراً على ذلك العرش ،كما مركزتْه يوما على عرش الفؤاد كحبةٍ فوق سرير سويدائه ..
سيدتي الأميرة...ما أحلاكِ في الغضب حينما ينتهي بك إلى مرمي أضلعي طفلةً تتنهد ،وبين ذراعيَّ حبيبةً تتحبب وتتودد، وهي التي تنام تحت قدميها مفاتيح خزائن المُلك ..وكأنها بغضبها تستجمع كلّ القوى لتَعْبُرَ إلى قلب من تحبُّ بكلمة أحبكَ..أحبك.
مولاتي ...ياشمسا غُيِّبَتْ فعادتْ رغم ذاك ملكة الشموس...أحبك للأبد..................أحمد.