سلام اللـه عليك ورحمتـه وبركاتـه
تحيـة مكتوبـة برحيق البنفسـج
الكريم عبد الرحمن حسن،
هذا ليسَ نصّـاً وحسبُ، بلْ مملكـةٌ أحاطتْ بها شجيراتُ الاغتراب من كل جانب، تتخلّلهـا جداولُ الفقْد، وتزينهـا زهيراتُ الدمع المتفتّقة، وهي تتفتّـح على مرأى من بوحٍ مغترِب هو الآخر، كاغتراب زمننا هذا واغترابنا فيـه !
انغمستُ في نصّك حدّ التيـه، ووجدتُني أجلس تحت شجر أسئلـةٍِ، تتساقطُ أوراقُها بين يديّ :
*"هل من بسمة تعود بعد أن طال انتظار ؟!! "
بإذن اللـه، آنَ للبسمات أن تتفتّـحَ بلْ وأن تشبّ عن الطّوق، فالليلُ لا يخلُـد، والدمعـة لا يطولُ انسكابُها، والانتظارُ الصّابرُ لابدّ أن يُحضِر معـهُ غيثاً منسكباً خيراتٍ، والشمسُ ترتّب مكتبتَها المشرقـة، لتوزّعَ كتبَهـا على كلّ ذي وجع، بلْ ورحمـة الرحمن غيثٌ يغسل القلوبَ التعبـة والجراحَ المفتوحة التي آنَ لها أن تندمل ..
ستعودُ البسمة بإذن اللـه أيها الكريم مع أول إطلالـة فجر ..
*" ماذا سنفعل عندما يسقط القمر هناك وراء الغمام ؟!!
ماذا سنفعل عندما تغفو أحاديث المساء ؟!!
ماذا سنفعل عندما يداهم الليل لحظات انتظارنا بلا قمر ؟!!"
لاأظن أن القمر قد سقط، بل ربما قد التزمَ الصمتَ ألماً، لكنْ سرعان ما تعيده رحمةُ الرحمن إلى سابق عهده، لأنه أكثرُ الصابرينَ صبْراً . وكذلك أحاديث المساء، فربما يكون في إغفاءتها القصيرة استعانة على مقاومـةِ أوجاع المساء، تماماً كما يتزود النائم لقيامِ ليلـه بقيلولـة ..
أمّا حين يداهم الليلُ لحظات انتظارنا والقمرُ غائب، فلنحتفلْ بالوجع الذي زارنا احتفالَ الصابرين، ولنتضرّع إلى الرحمن أن يعيدَ القمرَ مطمئنّاً، وبسمتُـه مُضيئـة، تنير للعابرين والساهرين طريقَهمْ وحياتَهمْ، أحلامَهمْ وخطواتِ رحيلهمْ وإيابهمْ أيضاً .
وكأنَّ غيابَ القمر قد غيّبَ معـه بعضَ همزات القطع عن أماكنها، وغيّبَ بعضَ الألوان عن بعض اللوحات :
فكان واحد منهم = واحداً
وأغسل الحزن = واغسلْ
أكرمكَ ربّي أيها الكريم، وجعل الشمسَ دوماً في ركابك
تقبّل خالصَ تقديري، غزير دعائي
والف طاقة من الورد والندى