|
جنون الهمس وأريج الأسرار.
أكان حلما رائعا , أم كان واقعا على حافة الحلم؟ أم شيئا ثالثا يراوح بين الحقيقة والجنون؟! كم تمناها ورسمها بقلمه وقلبه وخياله.
وجهها الذي يزين من الفراغ أجمل مساحة وسط كل المخلوقات.
وجنتاها , وخصلة شعرها الطائرة , تحجب نصف جبينها ,ونصف عينها ,ونصف وجهها.
شفتاها النابضتان بالحياة والحنين وردة برية تشتاق الندى كل حين.عنقها الذي يتدلى عليه قرط متأرجح كقلبه في هواءعطرها المحيط.
كان الليل يصاحبهما في قارب من النورالفضي في رحلة بوح وهمس وسمرجميل.
وكان القمرطفلا نزقا, يفرليختبئ في حنايا صدرها الثر بالحكايات والتنهدات والأسرار.وهما , هما طفلان لم يبلغا رشدهما بعد, وما زالا يعشقان لعبة التخفي والظهور,والبحث والاختباء, ولذة الفرار.
حين كان يلف طوق الياسمين حول جيدها الرائق المنور, كان أريج الفرح ينبع من عيونها فتفيض بالشوق والقصائد ,والبهجة الغامرة.
خلف أذنها الصغيرة ,حيث يسكن عطرها,هناك.. كانت محطة انتهاء ترحاله , ونافذة ينساب عبرها نسيم همساته في مسامعها ,وترسو فوق أغصان إنصاتها , أنفاس عاشق مشوق.وبين شفتيه وأذنها كانت مناجاة ,فيها أسرارتنبت نرجسا وزنابق تأتي دون مواسمها.
كانت أصابعها النحيلة الباردة ,تندس في هدوء واستسلام بين أصابعه الخشنة الحنونة ,التماسا لكهف من الدفء.
حين تبسم ,كان الأشياء تبسم . وحين تجفل كانت الأشياء تجفل, وحين تبوح كانت الأشياء تنصت ,وحين يلملم باحتوائه ارتعاش روحها ,كانت تستكين كمدائن فرِحَة بانتصار فاتح مقدام ,يحفظ للمدن تاريخها, وسرها العظيم, وينشر في ربوعها الخير والعدل والأمان.
كم كان رائعا أن تأخذه يجول ,مستكشفا , في زوايا مدنها العامرة بمشاعلها.
ليرى في عينيها تاريخ كل النساء و مدن البهاء ,وأساطير الجمال.
وحين تتململ شمس الصباح الحانية في خدرها ,هناك على ذراع الأفق . خلف الهضاب , تفيق الأشياء من حلمها الغجري ويصحو العقل من غفوة الجنون.
ويبقى أريجها هائما في المكان ودفئها ساكنا بالوجدان. |
|