نهر الجفاف
يستوقف لا محالة مَنْ يقرأ عمق الدلالة اللفظية , ويوشي بوهجٍ وجداني مظللٍ بلفحٍ حرماني . هكذا هو الشعور مغذِّيًا أغصانَ الشعر هنا فكانت شجرةٌ من وجدٍ عظيمةٌ لا يشتبك بها غصنٌ خارجيٌّ ولا يصيبها من ورقِ غيرها شيءٌ , فلله درك .
تفرّدَ حُبهـا بسمـاءِ قلبـي
وأدناها إلى فَلكـي اختلافـي
الاختلاف هنا مناسبٌ جدُّ بل من بدع القول حيث اختلاف الليل والنهار في فلك الله يجعل للأرض علاقة قوية بالشمس المسببة لهذا الاختلاف , فكأن اختلافك عليها أو على حيِّيها جعلك دائبًا حينَ تراها نهارُ وحين لا تراها ليلٌ .
تسجّر وارفـاً بحـرَ إشتيـاقٍ
يُؤججُ مَـدُّهُ جـدبَ المرافـي
إنْ كان اللقاءُ والوصل يناسبه النهر مكانًا بضفافهِ الرخوة الطرية ومشربًا بمائهِ العذب السلسبيل , فكيف يكون البعد إذْ أجدب بمرافئ القلب إلا أن يكون الشوق بحرًا مستعرًا يمتدُّ ويلتهم من المرافئ وما بها من عواملٍ كالصبر والسلوِّ , فما أحسب المشاعر إلا في مكابدةٍ رست أم أبحرت .( أعتقد وارفًا قللت من انسجام البيت ) .
وأبني الأمنياتِ على ركامـي
وقد قُطعتُ وجداً من خِـلافِ
بناء الأمنيات على الركام يدل على قلة الحيلة غير أنَّ الأمنيات في الحبِّ بناء لا ينهدمُ أبدًا , وأعتقد أنَّه هو الشيء الوحيد الذي يكون فيه البناء أقوى من الأساس , لأنَّه لو كان الأساس قويًا لما كانت هناك أمنيات , ولعرف البناء بمسمى غير الحبِّ .
وكم أستعـذبُ الآلامَ قسـراً
وكم أهوى بمجـراكِ انجرافـي
وأين المستقـرُّ سـواكِ أمنـاً
وقد ضاقت بمُضنـاكِ المنافـي
أقف هنا على أن أعود إلى البيتين السابقين لحبكتهما المميزة وصورتهما المبهرة .
إلى لقاء قريب مع رائعتك أيها الحبيب المبدع .
دمت بخير