|
رقـّتْ كؤوسُ الشعر بالصهباءِ |
وروتْ زهورَ الواحةِ الغنّاءِ |
فاضتْ ينابيعُ البيان خلالها |
وترقرقتْ بالماء فوق الماءِ |
حتى غدتْ رحراحة ً مخضرّة ً |
بل جنة ً في الحُلـّةِ الخضراءِ |
أجملْ بها من روضةٍ خلاّبةٍ |
جذابةِ الأنحاءِ والأرجاءِ |
سُدلتْ ذيولُ الشمس فوق هضابها |
ونمَتْ زنابقها لدى الأفياءِ |
وترنّمتْ أطيارُها وتراقصتْ |
بمئاتِ أطيافٍ من الأدباءِ |
وشدتْ سروبُ الشعر لحناً واحداً |
بتعدّدِ الألوان والأسماءِ |
مِن فتيةٍ جادَ الكريمُ عليهمُ |
فسَموا وكانوا سادة الشعراءِ |
صاغوا الجُمانَ من الحروف فلا ترى |
شيباً يشوبُ بدرّةٍ حمراءِ |
وتسابقوا وتأنّقوا وتنمّقوا |
فتألـّقوا كالبدر في الظلماءِ |
وغدوا ملوكاً للقريض وقولهمْ |
أمرٌ على الأمَراءِ والكبَراءِ |
ساسوا السلاسة َ والجزالة َ للورى |
بذلوا لذلك أكرمَ الشهداءِ |
نالوا العُلا وترفـّعوا بدمائهمْ |
ودماؤهمْ ليستْ كأيّ دماءِ |
فهي المدادُ لحرفهمْ وحروفـُهمْ |
لحنٌ على قيثارةِ العلياءِ |
يا بيتَ مقدسَ لا يُناطحُ مجدَها |
شيءٌ من الأنباءِ للجُهَلاءِ |
بلْ إنّها صرحٌ كراسٍ باسق ٍ |
طودٍ يُعانقُ رفعة َ الدرقاءِ |
ذلـّتْ مشاعرُنا لذكر جمالِها |
لكما يذلّ الصقرُ للعنقاءِ |