إن خطواته تتحدى الأزمنة تتجول في ثنايا الأمكنة, معبرة عن فلسفة اخترقت خاطره, تصرخ بصمتٍ, متسائلة بدهشة واستنكار: لِمَ البكاء حد النحيب, والعويل حد الأنين ؟!00 يحلم بماضيه الأليم بكل تفاصيله, ومنه يستشرف مستقبله الضائع ! استهوته الأفكار مرة في رأسه اليابس, ومرات بكلماتٍ جفتْ معها الأحبار ساورته الظنون من كل مكان, هو ليس عربيداً و زير نساء ! بل يغمر قلبه الإيمان ولكن حالاتٍ تنتابه بين فترة وأخرى ! في أحدى تلك الليالي المطيرة التي غاب عنها القمر, وغابة موحشة كثر فيها تلاطم الشجر 000سربتله خطاه في كل اتجاه بدأ يصرخ بقوةٍ ودموعه خطتْ في خديه أسكتتْ في غابة كل مفترس وأليف وهامة ! قائلا: وامصيبتاه 00وامصيبتاه !! مكررا ذلك حتى جثا بركبتيه على الأرض رافعا يديه إلى السماء يستغيث رب الكون أن يكون بجانبه فهوى ساجدا استمر للحظات ! رفع " جثته " الهامدة قائلاً: بعد أن هزه البكاء ولكن شعر ببعض الراحة لم تدم طويلا ! الحمد لله على كل حال 00فالتفت يمنة ويسرة فرأى السماء ملبدة بالغيوم والمطر ينزل بغزارة أخذته خطواته العجلى إلى مغارة تقيه من برودة الغابة وكي يستريح قليلا ثم يعود ! دخل المغارة قائلا: (بسم الله الرحمن الرحيم ) 00تيبستْ قدماه, وبدأ العرق ينزل من جبينه, وهو يلتقطه بطرف لسانه, وحوله " ثلة من الأفاعي " يحملقن فيه دهشين ! لم تدم تلك المواجهة سوى ثوانٍ لكنها وقعت عليه كساعاتٍ ! قربنْ منه كثيرا, فلملم بعض قواه وبدأنْ رويداً00 حلّ عقدة لسانه قائلات: نريد منك طلبا قال: عقلي وقلبي لكنْ قلنْ " وهنْ ضاحكات " نريدك أن تكون عارياً قال:لم أسمع ماذا تقلنْ لطفا هل تعيدنْ السؤال أيتها النواعم فكررنْ السؤال, و هو يندب حظه العاثر أن رماه في هذه المغارة ! قال: ما سر أن أكون عاريا ؟! فتحركنْ قليلا محدثات ضجة وغابر قالت كبيرتهن: هنا فصيلة الثعبان وهناك فصيلة الكوبرا ونحن النواعم يقال لنا " أم الدواهي " ! قال –وهو مطأطئ الرأس نازعا بعض ملابسه على استحياء: الموت آتٍ فمرحباً سيكتب لي التاريخ أني شهيد وبطل ومغوار00 وفيما هو كذلك صرختْ الأفاعي, وهو غامض العينين ورافعا إصبعه إلى السماء قلنْ " بصوتٍ مشحوب " كل هذا منا 00هذا سم فعلنا ! قال: لم تشاهدنْ إلا جزءا ! فالباقي لدغات تحكي مجلدات كل غدرة ! " فهربنْ الأفاعي " 00وبعد برهةٍ سمع صوت الأذان بفجرٍ مشرقٍ بعد ليلٍ مخيفٍ ساهٍ 0