في همسٍ هادئٍ بيني وبين نفسي المتزنبقةِ ترقبّاً، تذكرتُ أطياف حلمٍ رسمتَه لي ذات يومٍ ، وحملتهُ أنا وهناً على وهنٍ و بين هشيم أمنياتي، بنيتهُ صرحاً في وجه الطامعين، رميت خلفي جثثَ الذكريات اللعينةِ ، وبدأتُ بكَ عمراً جديداً، أنهلُ من شفاهكَ عذبَ الكلام، أطوّقك بحناني وأغرقُ بطفولةٍ بين حنايا رجولتك..!
عمرٌ من الأحداثِ قد داهمتْ روحينا، وأنا ما زلتُ أحبكَ رغماً عني..رغماً عن شفاهي التي تنكرُ وصلك ، رغماً عن قلبي المفقود بين آلاف القلوبِ المهجورةِ..رغماً عن أناملي التي تكابد الأمرّين حين أرفض الكتابة إليك ، رغماً عن روحي وهي تبكي الفراق ، ذلك الذي أودى بها وما عدتُ بعدها تلك الطفلةِ التي كانت تنتمي إلى حدائقِ جنتك الخضراء.
أحبكَ وأبحثُ عنك لأنني أضعتُ نفسي مُذ أضعتكَ ، وتاهتْ مني سفينتي التي كنتَ تقودها لمّا كانَ موجُ الحزنِ يلطمني في غيابك ، تمدّ سيفَ الوصلِ لتقطعَ به الشكّ وهوَ يصارعُ نفسي..
هل نسيتني حقاً؟
هل استحليتَ لسعةَ النوى ، وأنتَ في شتاءِ البعدِ غارقٌ..؟تتدثّر بعباءة الوحدة ، وتُمضي ليلك المكتحل بسوادِ الهجرِ ، ونحيب أسيرة صوتك ، قد وصلَ عنان السماء !
هلْ تطاولتُ حينَ صفعتُ الماضيَ ، وتركتُ خلفي طيوراً تنسجُ لي لحنَ الحبّ أشكالاً وألواناً ، ولمْ أصغِ إلا إلى رقرقاتِ دمعك الآفل عني الآن..!
من يمسحُ لك دمعك حين تبكي؟ ومن تغني لك لحن الأنوثة والغنج من بعدي؟وكيف تنام وتصبح دوني دون همسي ،دون عطري ، دون أنفاسي؟ وما أخبار دفاتر أشعارك، هل امتلأت بالعتاب أم سكنتها أنثىً أخرى ، تغدقُ عليك حناناً أعمقَ من روحي ، وتسقيكَ ترياقَ الحياة ، بابتسامةٍ كنت تُهدنيها حين مراضاة..!
أنا هنا..
يا سيّد بوحي ، أجلس تحت أفياء ذكراكَ ، أصعدُ سلّمَ الشوقِ ، وأقطفُ من عناقيدِ الحلمِ كلّ يومٍ حبّة ، أحصي فيكَ الشوقَ ، و أوهمُ نفسي بهِ ، أرسمُ دائرةً من الحبّ ، أحشركَ فيها وأعمّدكَ بيمّ مشاعري ، وأترقبُ هطولَ طيفكَ الآتي من زمنٍ قلّتْ فيهِ معالمُ الرجولةِ والوفاء.
أكتبُ إليكَ وأنا أبثّ في نفسي أملاً أنكَ ما زلتَ على العهدِ باقٍ ، وأنني مزروعةٌ في قلبكَ رغمَ البعدِ ، رغم الوجعِ ،و.. رغمَ الفراق..!
منى الخالدي
10/02/2008