على غير عادته صمم الزوج على ألا يعود هذه المرة..
على غير عادته صمم الزوج على ألا يعود هذه المرة ..مرارا كان يتخذ مثل هذا القرار ثم يتراجع..أما الآن فقد ضاق الزناد بما فيه ..سيترك قراره هذا أثرا دراميا مؤلما على زوجه ..زوجه تلك التي ليست ككل الزيجات ..يعشقها لدرجة تجعله لا يجد حرجا في هجرها ..أيستطيع تحمل أعباء قراره؟ هي لم تترك له مجالا ليفكر في العودة ..كل استنتاجاته السابقة كانت في غير محلها ..كان مخطئا اعتقاده في إمكانية تغير سلوكها ..احتمال أن تكون تحبه ..لكن مع الحب دائما يحضر اللااطمئنان..هي لاتطيقه..ووجودهما تحت سقف واحد ليس بحل ..هل الحل إذن أن يضربها بالهجر..؟ هي تريده وفي نفس الوقت لا تريده ..أيوجد من يستطيع فك هذا اللغز..؟ لا تطيقه وتحتاج إلى وجوده..وجع الرأس شديد لا يحتمل لازمه باستمرار أفي الإمكان الشفاء منه؟
مرت شهور على غيابه ..ساد الصمت في أرجاء البيت ..لا ضجيج اللقاءات المتأججة المدمرة التي تنتهي غالبا بحفل تكسير ما شيدته يد الابتهاج زمن السلم..لن تتكسر الكؤوس ..والجدران ستظل مصبوغة بلون أبيض ناصع..ستزداد وتيرة التفكير فيما مضى .. لن يعكر صفو البيت ذلك الكلام النابي ولا تلك الكلمات الساقطة التي يحلو للسان أن يرشق بها نفسه دون أن يسمح لغيره أن يفعل..ولارنات الهاتف المزعجة. ساد الهدوء أركان البيت ..لكن في الرأس تساؤلات محيرة ودهشة.. أيجوز أن يتحول الحب إلى مجرد ذكرى..؟ أصبحت متأكدة أن تصميمه كان نهائيا لا رجعة فيه..رحل ولن يعود وهذا سرواله معلق خلف الباب ..يذكرها بوجوده..أمسكت به ووضعته على سرير نومها ثم هرعت إلى فتح الباب ..
ألقت جارتها الفضولية بنظرتها على السروال وكأنها كانت تهم بمصافحته..وهتفت مبتهجة:" عاد ..عاد..أليس كذلك ؟ وكمن يضع يده على وجهه تحاشيا للإصابة بضربة كرة في شارع شعبي ردت " نعم لقد خرج قبل قليل" ..