كنت أبحث في وجه المرايا وكانت المرايا تتهمني بأني أنا من يعكسها وليس العكس ...وكنت أبحث عن معنى المعنى في باطن الأرض وكانت النمل تستجمع أكبر قدرا منها وتمنحني الأخف وزنا والأكثر لمعانا ...كنت ابحث بين مطويات الوردة وكانت قياسات البتلات تتفاوت تبعا لتفاوت وصول النبض من الجذر الى التويج ...كنت ابحث في البحر لكن البحر .........آه منه.... يمنحني كل شيء ولكنه لا يتنازل عني , ذات يوم طرحت عليه سؤالا حيرني ...قلت له لماذا كل الاجسام فوق سطحك , إما تطفو وإما تنزل للقاع وتظل الحالة ثابتة عدا في الإنسان ...فالإنسان لا يطفو الا اذا غادرته الروح ..وهذا عكس قانون الوزن ...أتعبني السؤال يا صديقتي ...اعرف بان الروح اخف من وزن الأكسجين فكيف تكون سببا للغطس وكيف الجسد المتكتل يطفو اذا غادرته الروح ..ما هذا القانون ..............صديقتي كنت أصدق المرايا وكنت أجدها أوضح من حاسة اللمس ومن التقاط النبرة في سمعي ..وكفاءة البصر في الرؤية ...الا إن المرايا لم تصدقني ووجدتها بعد ان وثقت بها ووضعت كل اسراري بها إذ إنها تغار علي من نبضات القلب وتحسب من ايامي مالم يمض الا معها وتدعي بأني أطويها في يميني كلما اظهرت لها حبي وأمسح الغبار عنها بيساري كلما تراخت تعابير ملامحي وهل دقة الملامح تدل على ميوعة ؟
وهل النعومة و الرقة اذا اجتمعت مع عقل طاغي تسيب وإنزواء ؟ ......
لم تحسب المرايا كل هذه الميزات لي بل ضدي ....قلت لها ذات يوم بأني إمراة لا يأخذ النسيم من عطرها نفحة ,,ولا يأخذ عابر سبيل من وشاحها لمعة ...إمرأة لا تفتح سوى صندوق همومها ..والوطن يتأرجح بين حواجبها ...والشهداء في مفكرتها الزرقاء ...أما العشيرة في دواوينها الخضراء ..إمراة لا تحب الوقوف في الطابور كي تضع لماستها ..ولا تقبل حروف اسمها ضمن القائمة الضاجة بنقاط الزبد....صديقتي..... . الحب عندي دهري لا يقبل للاستهلاك ولا توهن في تمديده الأسلاك ...انه شجر حولي ..يكفيني منه حرف على السطر ...همس من نسيم عبر ..صوت يحجبه القمر ...ضوء يرتدي تفاني الصبر ........إبتسامة براقة من الثغر ..ونظرة ساحرة في عين طفل صغير...