أحيانًا ... أجلس وحيدًا والظلام يحيط بي من كل جانب ، وتضيع في وسطه بقعة ضوء لطالما كانت رفيقًا مخلصًا تنير دربي وتحثني على الصمود والبقاء ، ويحكم الصمت قبضته على فضاء زماني ، ويثور وجع مرّ يطبق على أنفاسي ، نار تستعرّ في داخلي ، أسمع طقطقة ما ؛ شيء ما يحترق ، كأنّّها رائحة شواء في حفل مهيب تزعمه الوجع ...
وأحيانًا ... أيضا ، تجتاح زمني عواصف لا أعرف مصدرها ؛ فتتدخل في تفاصيل مشهد كان يدعم بقعة ضوئي الحاضرة الغائبة ، فأضع بقايا ذكرياتها الجميلة في زاوية محكمة يحيط بها خط أحمر ؛ لا يمكن للحريق أنْ يصل إليها ، وأتجنب الخوض في تفاصيل ذلك المشهد ؛ حفاظًا على ذكريات جميلة واحترامًا لأصحابها ، فتمدني بهواء سلبه مني دخان تلك النّار .
و أحيانًا ... أجدني وكأنّني سقطت من أعلى قمّة لم أتخيّل وجودها بعد ، ثمّ انهض والجراح تجعل من الطبيب حيرانا ، أقترب من الماء لكي أغسل جروحي ، ثم أتراجع كي لا يعود النزف من جديد ، فأشكر التراب على وفاءه ، حتّى أنّني لا أجرؤ على شرب حسوة ماء .
ودائمًا ... أفكّر في كل ما جرى لي ، وتعصف بي الظنون والوساوس فأتراجع ، وأحمد الله تعالى ، فما زال هناك فسحة من الوقت ، وصديقي التراب لم يضمّني بعد ، فأعود لأحلم بالأمل من جديد .