إن الذي يمد يده ليقطف الثمار دون أن يجتهد في زراعة أشجارها, يحلم كالطفل الذي ينظر إلى كبد السماء فيظن القمر كرة فيمد يده إليه يمسكه ليلعب.
والذي يفتح فاه ليلتقم الفاكهة قبل نضجها لا بد أن يغص بها وهو يحاول ابتلاعها, فيجف حلقه ويهرع الناس إليه بشربة ماء لينقذه من خطر محقق وليس الذي يستمرئ أكل الفج من الثمار والنيئ من الطعام إلا كالذي أصيب بفقد التذوق أو عمى الألوان فيحتاج إلى نظارة خاصة من نوع خاص تكشف له الألوان والأضواء .
وإن من يريد أن يتناول الثمار وهي طرية حلوة ندية عليه أن يزرع أشجارها ويرعى أغصانها وأوراقها, ويحرث أرضها , ويرقب أزهارها وبراعمها وأن يتفصد جبينه عرقا في خدمتها, وأن تبيت عيناه تحرس نضجها , ويحميها من كل آفة وأن يرويها مزيج عرق الجد والجهد والرعاية والعناية والحذر والاهتمام والخوف والأمل ومن جد وجد ومن سار على الدرب وصل ، وحين ذاك يحلو الجني ويطيب الثمر , ثمر الوعي والهدى والرشاد.