|
أَعَزَّكَ البَيْنُ أمْ خانَتْكَ أشْعارُ |
أَمِ الطُّلولُ التي أبْصَرْتَ أعذارُ |
أمِ الهَبوبُ التي أرْياحُها قَدَحَتْ |
زَنْدَ الغَوابِرِ حتَّى هاجَ تِذْكارُ |
فَنازَعَتكَ سِنِيُّ السَّعدُ وانْتَفَضَتْ |
أينَ الحَليلُ وأينَ الرَّسْمُ والدَّارُ |
وَلاحَتِِ الظَّبْيَةُ الأدماءُ قائِلَةً |
تَفْنى السُّنُونُ وطَيفُ الخِلِّ زَوَّارُ |
والذِّكْرَياتُ إذا وافَتْكَ في سِنَةٍ |
كَبَوحِ غادِيَةٍ تَفْنَى بِهِ النارُ |
يا شاعِرَ الحُزْنِ هَل جَفَّتْ مَنابِعُنا |
واسْتَسْلَمَتْ لِمعاني الحُزنِ أشعارُ |
أمْ مُلْهِمُ السَّعْدِ في أحشائهِ غُصَصٌ |
وعاصِفُ الحُزنِ في جَنْبَيهِ مَوَّارُ |
عَدَتْ عليهِ عَواديْ الدَّهْرِ فانْدَثَرَتْ |
في لُجِّةِ الدهرِ آمالٌ وأنوارُ |
يا عاذِلَ الروحِ روحي في المدى سَكْنَتْ |
من الصَّبابَةِ داراً ما لها دارُ |
أرْعى الشَّوارِدَ لا تَعْنُو أعِنَّتَها |
وَدونَها من سَديمِ الحُزْنِ أستارُ |
ماتتْ على شاطئِ الأحزانِ أغْنَيتي |
وهاجرَتْ لمغيبِ الشمسِ أطيارُ |
وَمَرْكَبُ السَّعْدِ قدْ خانتهُ أشرعةٌ |
والعاتياتُ , وموجُ البحرِ غدَّارُ |
تَلوحُ في أفْقِنا الآمالُ كاذِبَةً |
فَيَنْتَشي بِسَرابِ الفجرُ أغْرارُ |
تَصَرًّمَ العُمْرُ والآلامُ شامِخَةٌ |
وما لنا بِصُروفِ الدَّهْرِ تِعْبارُ |
قُلِّ لِلخَليِّ وساهي الطَّرفِ إن كرهوا |
نَقْصَ الليالي ففي عَيْنَيَّ أعمارُ |
أنا الهَجِيرُ .. أنا البيداءُ.. في لُغَتي |
لَفْحُ الخَواطرِ لا تَرويهِ أنهارُ |
نِضْوِ الهوانِ وروحي في الأسى مِزَعٌ |
وَمَرْفَأي كَسَرابِ الوَهْمِ مِغْيارُ |
شعري الحزينُ شجونٌ لا قرارَ لها |
ومُزْنةٌ من شَجيِّ البوحِ مدرارُ |
وَغَضْبَةُ الروحِ إن ثارتْ جَوامِحُها |
وللفؤادِ إذا ما لِنَّ أوطارُ |
يا للدٍّموعِ ويا للحزن إن صُرِمَتْ |
عني الحروفُ وغاضَ الشعرَ إعسارُ |
هذي المشاعرُ إن فاضتْ كَوَامِنُها |
ما النَّهرُ ما البحرُ ما الأرياحُ ما النارُ! |
دعِ المَشاعِرَ إنْ لمْ تَشْكُ حُرْقَتَها |
وَتَصْطَلي بِلَهيبِ الحُزنِ أفكارُ |
أَتَرْقُبُ البَحْرَ مَزْهوَّاً بِزُرْقَتْهِ! |
تَمْضي السَّفينُ وما أضناكَ إبحارُ |