المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. مصطفى عراقي
• قصيدة:
"مع ابن تيمية في سجن القلعة"
شعر: مصطفى عراقي
-1-
نور ٌ، وبهاءٌ يخترقانِ ظلامَ السجنِ الحالكْ
وهُنالِكْ
يتلو منْ آي القرآنْ
ويسبِّحُ باسْم الرحمنْ
وينيرُ الليلَ صلاةً ، ومناجاه.
يبعثُ في أرْكانِ الزنزانةِ رُوحًا ، وحياه .
ويفيضُ على أوراقٍ من بحْرِ العلمِ الزاخرْ
ينهلُّ النور من الأوراقْ
-2-
لكني ألمسُ وجْهَ المأساه
أحملها جُرحًا في الأعماقِ
- يا شيخي الطيِّبْ
- - ماذا يا ولدي؟
- حدِّثني عن آفاقِ القُرْبْ
- - ذاك حديثٌ علويٌّ غامرْ
- حدِّثني
- فلتجْلِسْ يا ولدي
هذي زنزانتُنا ضيقة
لا تحزنْ
- إني في سجْنٍ أضيقْ
وظلامٍ أعمقْ
حدثني
أخرجني من إظْلامي من سجْني!
-3-
"ويزورُ الفجرُ حديقتنا ويرِفُّ علينا بحنوِّ
والشيخُ الطيِّبُ يصعدُ بي يرقَى لسموٍّ فوق سموِّ
رقَّتْ زِنْزانتُنا، وتخلَّتْ عن قسْوتِـها
رحبُتْ دُنيانا واتسعتْ كُلُّ الآفاقْ
وشعرتُ بدفءٍ يسْري في أوْصالي
وانشقَّ الفجْرُ ، وشعَّ القلبْ
شكرًا يا شيخي الطيبْ"
-4-
- ماذا في جعْبته؟!
فليرشقْنا بسهامٍ بعد سهامْ
ولْيرمِ علينا الأوهامْ
وليقذفنا بالأضغانْ
ليس لكفِّ الباطلِ يا ولدي سُلطانْ
يدُهُ مهما بطشتْ شَلَّاءْ
أينالُ الباطلُ مني ؟ هيهاتْ
و نعيمي في صدري أصحبه يصحبني حيث أكونُ بغير فراقْ
-5-
" يخبو وجهُ المأْساةِ الشاحِبْ في إطراق"
- ماذا يبقى إن هُمْ سجنوا النورْ؟
- لا يسجنُ يا ولدي نورْ
سيشعُّ النورُ الصادقُ يـخْترِقُ الـجُدرانْ
يسعى في كل مكانْ بالإشراقْ
-6-
ماذا يبغي أعدائي منِّي؟
ما أهونَ كيْدَ الأعْداءْ!
إنْ أُسجنْ فهي الخلوةُ خلوةُ حبّْ
تسعى روحي بالأشواقْ
تُسقى من نـهْرِ القُرْبْ
والنفي سياحة قلبٍ يستلهم أنوارًا
أني يذهبْ في الآفاق
يشهدْ
يتأملْ
يرقُبْ
يرهبْ
يرغبْ
بالقلب الخفاقْ
- والقتلْ؟
القتلُ شهادة
القتلُ لِقـاءْ
وأنا مشْتاقٌ يا ولدي لِلِقَــاءْ
وأنا مشتاق يا ولدي لتلاقْ
ختام:
"إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ . فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ"
(سورة القمر: 54،55)