سيان بوحي وصمتي ، مغبتهما هي هي جراح ينكأها القلم ، وأعاصير يحتبسها الصدر حتى تبلغ قعره ، ترى هل البلاء في قلمي أو هو في أنا ، كلما سكب سطرا إذا الثمر منه حجارة غربة وندم تنهال علي من كل حدب وصوب ، بالله ماذا أفعل ؟ كيف أكتب وهذا حصادي منك .
أنا لا صاحب لي إلا القلم ، في يميني أتدرع به من غربة الحياة ، وقد خبرت على أي شيء تؤول صحبته ، ما هو إلا الخذلان كلما أردتُ فرجة جاد علي بالكرب ، ما بك يا قلمي تجرعني المداد سما ناقعا قطرة قطرة ، وغيري كلما نقش حرفا تحلقت الفراشات من حوله ، هذه تؤنسه ، وتلك تظلله ، وهاتيك تنشده الألحان ، وأخرى تسقيه ، كل ذلك على مسمع منك ومرأى ، أيتها الفراشات افعلي ما بدا لك ، طيري فرحا ، وهل من عزاء إلا في رؤية الجمال من حولنا ولو كان حظنا منه تراكم الأصفار ، لكن المؤلم حقا حين تنظرن إلي شزرا وكأني شجرة زقوم تفرق منها العصافير وتلعنها النسائم غدوا ورواحا ، ويتحدر عليها الغيث نفطا !
ما الذي جنيته علي يا قلمي ، والله ما مثلي ومثلك إلا كرجل سرى في مهلكة موحشة بمعية بررة ظرفاء نسجهم فردا فردا من وحي خياله ، فغلبه النعاس على ظهر راحلته حتى أبعد ، ثم تنبه إلى ما آل إليه ، فلما بلغ الفزع منه مبلغه آنس ضياء من فوهة كهف على ذروة جبل ، فرقاه حتى كاد ينقطع نفسه يحدوه ما يسمعه فيه من قهقهات، فإذا الذي ظنه مأمنه ما هو إلا مأوى العفاريت .