ضيَّعتُها
محمد العلوان
ضيّعتُ عُمري في البحارِ
ومزجتُ في ليلي نهاري
وخرجتُ مِن أعماقِها
ظمآن مِن كمدي وناري
وحملتُ أوراقي معي
ونثرتُها بين القفارِ
فتحرّقت مِن شوقها
واعشوشبتْ مِن كلّ غارِ
وحملتُ بعضي تائهًا
بين المحطّة والقطارِ
ووضعتُ أحمالي على
عتباتِ بيتٍ مُستعارِ
وسألت هل أنّي هنا
أمْ كان غيري في انتظاري
وسألتُ هَلْ غيري ارتوى
مِن ماء دجلَة والجرارِ
وهَلْ العيون تحدّرتْ
شوقًا لساقيةٍ ودارِ
أمْ انّها لمّا تزل
مأسورةً بهوى الخمارِ
مازلت فيكَ مُشوّقًا
وأضاعني فيكَ اصطباري
وتركتني بين الردى
وهدمتَ في زهوٍ جداري
ووضعتَ قيدَك في يدي
وسلكتَ بي طُرَق الحصارِ
فتعانقتْ أقمارُها
وشموسُها والنجمُ جارٍ
وسرى الزمانُ بركبِه
وبكى على طَلل الديارِ
ورحلتُ في عمق الجوى
أشدو على حرّ الجمارِ
وحفرتُ أشعاري على
نجمٍ تغوّر في المدارِ
وحبيبتي كانت معي
وتهيّبت خَلفَ الستارِ
ضيَّعتُها في لحظةٍ
حمقاء عجّلها قراري
فمتى نعودُ لبعضنا
ويضمُّنا عُشّ الهزارِ