مهلًا...!!
مهلًا أيها الراحلُ عني!
أتتركني لدمعِي بين أكفانِي؟
أتشد يديكَ عن جسدٍ احترفتَ على عتباته الشهيق...
واحترف هو اللهوَ بين أكنافِكَ ...
كقزحٍ ورقصاتِ اللونِ على كتفِ البريق؟
مهلًا...!!
ابقِ أناملَكَ...
لا تنزعها عن أشلاءِ روحٍ تناثرتها الأيام
وصلبها الغدرُ فوق نصبِ الأوهام
أتنزع أناملَ لمْلمتها؟؟
لا أهُن حبيبي.. ومنكَ أنت لا يليق.
مهلًا...!!
لا تأخذ عينيكَ من وجهي..
فأستحيل زغبًا مقبورًا في جناح خفاشٍ أعمى
يصرخ يتخبط.. يشق أذنيه نحيبُ العتمة
ويشوه أسودُها جنينَ فجرٍ نائم .. حلُم يومًا أن يَستفيق.
مهلًا ..
كيف تمضي تاركًا أحلامَنا التي تناولت وردَ السماء
وضحكاتِنا التي دغدغت خدَّ الهواء
وأسرارَنا التي أثقلت كبدَ الليلِ فأمطر أغنيةَ دهشة
وهمساتِنا التي احمَر لها وجهُ القمرِ نشوة
فأثارته.. وضج بوحدتَه صار لا يطيق
مهلًا أيها الراحل !
كيف استطعتَ أن تدير وجهَكَ عني؟
عن قلبي ...عن ولهي
عن شغفي المتعلقِ بأطرافِ ثوبِه
عن عينيَّ المهاجرة فيه نوارس لا تمل .. لا تكف عن التحليق!
عن تعريشةِ عنبٍ ناميةٍ من روحي لا تتوقف عن التسلقِ في دربِه!
تعريشة عنبيَّة
تعصر في شفتيكَ خمرا
وتُورق على خديكَ جُوريَّا
وعلى جبينكَ ياسمينا
وفي دمائكَ تهدر حينًا .. وتعزف حينًا صمتَ الحريق!
كيف استطعتَ أن تدير وجهكَ عنها؟
تلكَ الطفلة النائمة على راحتيكَ
تتنفسُ من صدركَ عطرا
وتشربُ من نبضكَ حنانا
وتقتاتُ من لحم قلبكَ راحةً وأمانا
تلك الغافية ترعشُ أهدابُها هياما
أموقظها؟؟ أمفزعها؟؟ أتفتق الجرحَ العميق؟
مهلًا أخبرني
ماذا أخذتَ وماذا أبقيت؟؟
أجبني واصدقني
ماذا أخذت وماذا أبقيت؟؟
غير مرارةِ فقدٍ تلوكُنا
وأشواكِ حنينٍ تؤرقُ وسادتَنا
ودموعِ وداعٍ أرهقتْ تلالَ المِلح
غير ضياعِنا
وأسنانِ وجدٍ أدمت شفاهِ الصبح
غير عذابِنا
ماذا أخذت وماذا أبقيت يا أيها الرفيق؟؟
غير كفين من رحى الشوقِ تعصرُنا
وصورٍ بكماء كي تذكرَنا
نستحلفُها النطقَ فتُخرسُنا
وذكرياتٍ تغزُ في أضلعِنا
بأكفِّنا نُهدهدُها فتصفعُنا
ودفءٍ تنزفُه قلوبُنا
برغم برد ماضينا دثرنا
غير العتمةِ النائمةِ في أقمارِنا
والثلجِ الناخرِ في قلبِّ شموسِنا
غير تنهداتِنا
وآهاتِ أعمارِنا
ماذا أخذت وماذا أبقيت؟؟
ماذا أخذت وماذا أبقيت؟؟
غير جدران على أرواحِنا .. في البعدِ تضيقُ وتضيق... وتضيق.