قشعريرة
منذ زمن بعيـد بعيـد ، وهو يبحث عنه بين أشـيائه وزواياه ، كان يعتقـد أنه لـيس هناك ، زار كل دكاكين العالم ، دفع من وقته وجهده وعقله الكثير الكثير ولم يجده ، ذهب إلى هنـاك حيث قيل أنه الأمل ، وجـد أشـياء كثيرة ولكنه لم يجد ما يبحث عنه بين كل تلك الاشياء ، وصل نهاية العالم ، وقف في نهاية الطريق , أخـذ يدور حول نفسـه علَّه يجـد مخرجـا لكل تلك الآهات المكبـوتة في صدره منذ زمن بعيد بعيد . وحمايـةً لكل جزيئات الهواء المحترقة من حر زفراته الملتهبة المنبعثـة من صدره ، أمسك أنفاسـه ، أعياه الدوران حتى تعبت واختنقت في صدره الزفرات .
مع نهاية نهاره الذي ذاب بين يديه كما ينصهر الثلج في حر الصحراء ، حيث ظهرت قسمات نهاره الممهورة بالشـعر الأشـيب في كل مكان ، وتجاعيد فصوله المرسومة على جبينه ، تراءآ له ما ظنه أملاً قادماً إليه ، رآها وكانه لم ير قبلها أنثى ، حملق بهـا وهي تغيـب ثانيـة إلى حيث لا يدري ، رسمها على صفحات قلبه المضطرب ، حجـز لهـا أجمل مكان في مخيلته , أخـذ يناجيها ويحادثها , تصور أنها تناجيه وتأتيه ، أغمض عينيه فانفرجت أساريره وتسـارع نبض قلبه ، أخذ شـهيقا طويلا امتص به كل هواء الكون . اقترب الطيف ، حملق به بكل ما للكـون من أعين ، سـرت قشعريرة دافئة في كل أوصال جسـده البارد ، تدفق النبض قويـا بين أضلاعه وبدأ يحلم بلحظة أخرى بعـد تلك اللحظات , تحسـس الأمل بيده المرتعشة ، فتـح ذراعيه وأطبق عليه بكلتا يديـه ، ضمه إلى صدره واعتصره بكل ما لديه من قوة ، راح يعـب من كاس ذلك الحلم حتى الثمالة ، أحـس بمتع الدنيا تذوب بين يديه غاب عن الوعي طـويلاً ، كان ذلك أجمل حلم في حيـاته ، لم يجربه من قبل ولطالما تمناه ’ فتح عينيه .. كانت ذراعـاه تضم نفسـه إليه ، وبين جنباته شيء ما لا يعلم كنهه ، يرتطم بداخله ، يصر عليه أن يغمض عينيه ويعـاود الحلم وأن يبحث عنه من جديد ، أحـس أن ذلك ما انتظره طويلا ، أدرك أن ذلك ما يدعى بِ (( الحب ))