من طيف ذكراك
إلى الشهيد الصابر المحتسب المؤذن (أبو أُمامة) رحمه الله تعالى
من طيفِ ذكراكَ الشموخُ يُعارُ
وبمثل يومِك تُكتبُ الأشعارُ
علّمتنا معنى الخلودِ برحلةٍ
فيها ملائكةُ السما حُضَّارُ
طوي الرثاءُ، فلا مجيبَ لنادبٍ
بخميلةٍ فيها الثناءُ شعارُ
تاهتْ معالمُها وزُيّن وجهُها
بجميل ذكرٍ خطَّهُ الأبرارُ
الذاكرينَ اللهَ في بحبوحة
طابت بها الآياتُ، والأذكارُ
أنضاءُ ليلٍ في عباءة فارسٍ
ما غابَ يومًا سيفُهُ البتارُ
ليلٌ تُنارُ سدوفُهُ بتضرّعٍ
يُحيي القلوبَ، ويستقيمُ نهارُ
همْ فتيةُ الدينِ الحنيفِ تعطّرتْ
من فيضِ جودِهمُ السَّكوبِ ديارُ
يتدابرون الذكرَ حولَ موائدٍ
الخيرُ فيها عاطرٌ موّارُ
شهدتْ لهم سوحُ الجهادِ غطارفًا
وبكتهمُ يومَ النوى الأسحارُ
رَوحٌ وريحانٌ يضوعُ خباؤهم
فكأنَّهُ الأورادُ، والأزهارُ
تحلو بذكرهمُ الكريمُ مجالسٌ
وتُمازُ فيها هيبةٌ، ووقارُ
وتشدُّ حبلا للوداد سعادةٌ
من نبلهمْ، ويُمجّدُ الإيثارُ
حسبُ الكرامِ الطيبينَ نضارةٌ
أنَّ الخمائلَ تحتهم أنهارُ
أَأَبا أُمامةَ والقلوبُ ثواكلٌ
تبكي نداكَ، ودمعُها مدرارُ
أبكلِّ يومٍ في الرحيلِ مواجعٌ
بكؤوسِ ليلِ المبتلينَ تُدارُ
يتصارعُ السمَّارُ حول حديثها
بنيوبِ خوفٍ ما لهنَّ قرارُ
مهجٌ تؤرَّقُ للعبادِ وسطوةٌ
حيرى لسبر شخوصها أغوارُ
سرٌّ يُبدَّدُ من عصارة صبرِنا
وبه تُشتَّتُ في الورى أفكارُ
أَأَبا أُمامةَ ماثلٌ بديارنا
ذكرٌ لكم، وتطلّعٌ، وفخارُ
قدرٌ رحيلكَ، والديارُ بحالةٍ
يُرثى لها، ولنعمتِ الأقدارُ
لا يُرتجى العيشُ الكريمُ بموطنٍ
ديست بساسة حكمهِِ الأخيارُ
خلَّفتَ فينا يا أُخيَّ هواجسًا
الصبرُ في نتفٍ لهنَّ يحارُ
وتركتَ من ألمِ المصابِ مآذنًا
ترنو إليك وكلّها استعبارُ
ما جئتُ أنشدُ في نداك مراثيًا
للصَّحب في يوم العزاءِ تُدارُ
بل جئتُ أبكي في مصابك أمَّةً
أزرى بماضيها الأثيلِ صَغارُ
وأزورُ قبرَك والدموعُ سواجمٌ
تبكي السماحةَ والحبيبُ يُزارُ