قال ابن إسحاق : فخرج عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي بغزالي الكعبة وبحجر الركن فدفنهما في زمزم ، وانطلق هو ومن معه من جرهم إلى اليمن ، فحزنوا على ما فارقوا من أمر مكة وملكها حزنا شديدا ، فقال عمرو بن الحارث بن مضاض في ذلك وليس بمضاض الأكبر
وقائلة والدمع سكب مبادر
وقد شرقت بالدمع منها المحاجر
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا
أنيس ولم يسمر بمكة سامر
فقلت لها والقلب مني كأنما
يلجلجه بين الجناحين طائر
بلى نحن كنا أهلها ، فأزالنا
صروف الليالي ، والجدود العواثر
وكنا ولاة البيت من بعد نابت
نطوف بذاك البيت والخير ظاهر
ونحن ولينا البيت من بعد نابت
بعز، فما يحظى لدينا المكاثر
ملكنا فعززنا فأعظمْ بملكنا
فليس لحي غيرنا ثَم فاخر
ألم تنكحوا من خير شخص علمته
فأبناؤه منا ، ونحن الأصاهر
فإن تنثن الدنيا علينا بحالها
فإن لها حالا ، وفي التشاجر
فأخرجنا منها المليك بقدرة
كذلك - يا للناس - تجري المقادر
أقول إذا نام الخلي ، ولم أنم
إذا العرش لا يبعد سهيل وعامر
وبدلت منها أوجها لا أحبها
قبائل منها حمير ويحابر
وصرنا أحاديثا وكنا بغبطة
بذلك عضتنا السنون الغوابر
فسحت دموع العين تبكي لبلدة
بها حرم أمن، وفيها المشاعر
وتبكي لبيت ليس يؤذى حمامه
يظل به أمنا ، وفيه العصافر
وفيه وحوش - لا ترام - أنيسة
إذا خرجت منه فليست تغادر
قال ابن هشام : " فأبناؤه منا " ، عن غير ابن إسحاق .