مَثاب
شعر عمر ابو غريبة
ثبتُ من سَورتي وحُقَّ مَثابُ وارعوى الآنَ خافقٌ وثّابُ وهَرقتُ الشبابَ خمرَ ضلالٍ طالما دَبَّ في العروقِ شبابُ وسقاني المشيبُ كأسَ حليبٍ وكذا الشيبُ للسنين احتلابُ هكذا عدتُ في الكهولةِ طفلاً بصفاءٍ وفطرةٍ لا تُشابُ وعليها قد كان عالمُ ذَرّي وإليها يكون ثَمّ الإيابُ فإذا العمرُ رحلةٌ وتناهت وعلى جُرفِهِ يحطُّ الركابُ وإذا بالحياةِ محضُ خيالٍ وأماني الصبا اللعوبِ سرابُ كم غوت بي أمّارةٌ للهوى والنفسُ في الغيِّ سيدٌ ومُجابُ زَوَّقتْ كلَّ شهوةٍ وافتنانٍ وحديثُ الهوى لها مستطابُ وأباحت محرماً بافتئاتٍ وفتاوى هذا الفقيهِ عُجابُ واستهانت بوازعٍ مستكنٍّ وأطلّتْ فما يُواري حجابُ كم تمرغتُ في رياضِ الأماني فإذا بالرياضِ مَحْلٌ يبابُ وسبَحنا بعنفوانِ غَرورٍ ونزعناه حين غاض العُبابُ تلك دنياك ثَيّبٌ خضبتْ فاغترَّ لاهٍ وقد يغرُّ الخضابُ وكشفْتُ الخمارَ عن قبحِ وجهٍ كم عشى العينَ حسنُه الخلابُ وشباكٌ مزّقتُها لرُتيلاء وقد مَـجَّ من دمائي نابُ راعفاتٌ مني الجراحُ بقلبي ومُداها لم يُشفَ منها الإهابُ ختلتْني فكيف أرضى بنومٍ مطمئناً لها وكُلي ارتيابُ وعلى الحرفِ من فراشيَ أغفو يقظاً مثلما تنام الذئابُ حذراً من طوارق الليلِ تلهو بجفوني كما يؤزُّ الشهابُ دأبُها البغتُ غِرّةً من قريرٍ حين يغشى صفوَ القرارِ اضطرابُ إيهِ دنيا غرّي سواي فإني راغبٌ عنكِ يحتويني اغترابُ عاكفٌ في تكيّتي وجُريجٌ قد وقاهُ من مومسٍ محرابُ.