|
دمك الزكي يعانق الأزهارا |
و يثير فينا لوعة و فخارا |
لا تبتئس .. من مات يعشق أرضه |
تنبت دماه ترابها أحرارا |
كان الفتى في الليل يسجد راجيا |
أن ينجب الليل العقيم نهارا |
يمضي النهار على الربوع بنوره |
فينير قلبا مظلما منهارا |
و يعود من حيث انتهى .. لا ينتهى |
ليعود سيفا يهتك الأستارا |
عن كل قصة فاسد أو خائن |
خان العهود ودنس الأطهارا |
جاءت إليه أمه تروي له |
الليل في الميدان .. صار نهارا |
الناس في التحرير يا ولدي أتوا |
ليسطروا التاريخ و الأشعارا |
الناس في التحرير قد عبروا بنا |
للفجر يعبر نوره الأقطارا |
هذا الشباب الغض يبذل روحه |
من أجلنا فانهض و كن " نصارا " |
انزل إلى التحرير كن لي حاميا |
ممن أذاقونا الأذى المدرارا |
أماه .. أنزل !! كم لبثت معاهدا |
إياك ألا أعبر الأسوارا |
هل أنت من أجبرتني ليلا بأن |
أبقى هنا ووصفتهم أشرارا |
ها أنت من قالت لي اخرج إنما |
من يخذل الثوار يلق العارا |
خرج الفتى و دعاؤها يا ربنا |
اخذل بأرضك حفنة فجارا |
يا رب و اخذل حفنة من سمتهم |
أن يشعلوا في كل قلب نارا |
انصر بنيّ من استقاموا للهدى |
من حولوا مصرا هدى و منارا |
و مضى الفتى و الفرح يملأ قلبه |
هو ذاهب ليقول " لا " إصرارا |
نزل الفتى فاستوقفته حواجز |
فإذا به " أنا منكم " و أشارا |
بعلامة النصر المبين معانقا |
إخوانه الأبطال و الأخيارا |
و مضى يهز الكون صوت جاهر |
إني أنا المصري أغسل عارا |
يا من زرعتم في سما بلدي الدجى |
و قتلتمُ في بلدتي الإعمارا |
سأشق عن وجهي ستارا أحمقا |
دارى علي فسادكم و جدارا |
يحميكمُ من قبضتي و يصونكم |
و يزيل عنكم ثلة أحرارا |
و الناس في الميدان يهتف كلهم |
" الله أكبر " لن نلوذ فرارا |
فإذا بطلقة غادر أودت به |
و الفجر آت و الظلام انهارا |
من ذا الذي اغتال ال " شهاب " خيانة |
لقضية باتت لمصر إزارا |
يحمي ثراها من خؤون جاهل |
سوّى بديع جنانها كصحارى |
الهاتف النقال مضطرب بجيــ |
ــب الأم لم يعرف به استقرارا |
لا تسلكي يدك الشريفة ربما |
كان الجواب بموته إشعارا |
ردت " شهاب " كأن روحا أزهقت |
وفؤادها المكلوم أوقد نارا |
هُرعت إلى الميدان تبحث فيهم |
"ابني " و تبذل في الوصول قصارى |
حتى انتهت لوليدها فإذا بها |
تهوي و تصرخ فيهمُ " ما صارا " ؟ |
سألت بحرقة قلبها أم الشهيـ |
د و لم تلن بل فجرت إعصارا |
فحكوا لها قالت " بغدر !! " ليت لي |
ولدا سواه يحارب الفجارا |
فأجاب كل الحاضرين " أنا لها " |
فوجدت دمعي سائلا أنهارا |
و نظرت للجثمان أقسم يا فتى |
نم هادئا سنرد عنك الثارا |
لا تبتئس .. من مات يعشق أرضه |
تنبت دماه ترابها أحرارا |