تقافة المبدع بين حرية التعبير و حرارة الواقع
مازالت المكتبة هي المصدر الرئيسي للمعرفة ،و مازلنا نعاني من بعض الأخطاء المطبعية والإملائية على حدٍّ سواء
إن القاموس اللغوي هو الإشارة الأولى لثقافة المبدع ، وتؤكد الصورة المُمًوسقة مدى عمق هذه الثقافة ،وتكرار عدد من الألفاظ أو المرادفات لا يأتي عشوائيا ، إنما عن قصد إبداعي وتركيب دقيق ..،
هل ما نحلم به لتحريرنا هو هذه المصطلحات غير الأخلاقية، وهل من صار دخاناً في محرقة الجنس ، أو بات يسبّ الذات الإلهية هو حداثيٌّ أو مُجدّد؟و هل لا يستطيع الشاعر الحداثيٍّ الجميل توليد إشكالية واختلافات في الرؤى ، ويصنع الانفجار اللغوي بعيداً عن خدش حياء هذه اللغة؟
نعم حرية إبداع ..لكنها الحرية المسئولة التي لا تتجاوز السقف العقائدي أو الأخلاقي أو الذوق العام لدى المتلقي،بما تحمل من ألفاظ تحوم حول حمى الخطوط الحمراء ،
إننا من الذين يدافعون عن إصدار تراثية"ألف ليلة وليلة" في أكثر من طبعة رغم احتوائها على عدد من الألفاظ الإباحية ،ولكن ليس بكثرةٍ منفرة ، فضلاً عن كونها ميراث لثقافة فترةٍ ما مضتْ ، و إذا كنتُ أدرك مع المبدع أنها صورته الإبداعية عليه أن يوافقني في إدراك رسالة الأدب ، و دوماً يكون التواضع راسماً لخطوط المبدع ، و مُلوناً لكلماته ، و المبدع إذْ يعيش حالةً من الاغتراب رغم البحر وتداعيات الذكريات، يواجه حوله الكسالى ، والجمود ، والقشور ، و دوماً يجد المبدع نفسه هو المبتلّ ، والهارب نحو عوالمه الخاصة جداً ،تلك العوالم التي ترى كل مايدور بعين تفكر ، وقلبٍ يعدو فوق الثغرات والحفر ،
ويظل الإبداع الراقي أشرعة الرسالات القومية والمعنى الهادف ،
والمبدع النقي هو الذي يقبل بصدر رحب أية ملاحظة من إخوته في إطار الأسرةالمتحابة .. ،طالما خلصتْ النوايا ، وجمعنا الحرف الصادق بلا أهواء ..، و بقدر الحب لإبداعاتنا نستمتع بالرؤى المختلفة حول هذه الإبداعات ، ولابديل في الحب عن إبداعٍ يبثُّ ما بين الضلوع من ولهٍ و شوق ، والبوح تزركش حروفه زخارف الثورة ، والرغبة في إثبات الذات الشاعرة ..من خلال رفض احتباس العاصفة ، و اختراق كل المدّعين ،والصابئين ، والمتشدقين بالنقل عن حكايات الجدّة ،ولعبة "الماوس"عبر الشبكة العنكبوتية ، للأسف .. مازلنا نعاني من النقل ، ولم نُفعّل العقل في ضوء تيسير الخالق لمخلوقاته ،وللمبدع الحقيقي أن يردّ إبداعاً ، وفي الإبداع الحقيقي شعورٌ متدفق ، و فوران له أثره في استدعاء الهدوء والحياة بسلام ، ويكون ذلك من خلال صورة مكثفة ، و موجعة ، تلتهم الطرقات ، فتتسارع الخطى بلغة تعبيرية بليغة و قد تكون هذه الصورة رادعاً لأمثال مؤلفي الجدّة وأرباب "النت"،وعندئذٍ .. يكون الحق لأوديوس أن يمتطي حصان الكلمات و يفرد شراعي كفيه لقراءة هذه الصورة الفاخرة ، و يمكننا آنذاك فك شفرات جراحنا التي لم تندمل ، ونفرد تجاعيد الحروف المستديرة، لنعاود القراءة من جديدٍ في قصص البطولات الأسطورية، والتحاف أجنحة الطيور الشاردة،
و أقول لِمَن يتعدى بالنقل دون ذكر المصدر الرئيسي :-إن الحرف الذي نكتبه إما أن يكون حجة لنا أو علينا ، فما بال التعدي على حروف الآخرين ،وإذا كنا نبتغي برسالة الحرف الذي نكتبه وجه الله ، فهل يكون ذلك بما وهب الله لغيرنا؟
عموماً .. فراسة الشاعر تمنعه من الوقوع فى شباك الخديعة ، هناك رءوس ليست كرءوس العقلاء،كما أن هناك كسالى يرمون المجتهدين بأفدنة من الهم المصنوع بإيديهم،و الأحرار لا يهمهم أي اتهامات من الذين أدمنوا الأغلال ..،
والحر هو من يغتسل بالحق ، و مازال الترميز هو اللغة المورقة إن لسعتْ جروحنا حرارة الواقع .