|
نـاديـتـُهُ والـصــوتُ يخْـنـقُـهُ الــصَّــدى |
والريـحُ تصْلبـُهُ عـلـى جــذْعِ الـمـدى |
والـلـيــلُ يـغْــمــضُ جـفْــنَــهُ مـتـجـاهــلا |
بَوْحِي , وصـبـحـي لا يـــزال مُـسَـهِّـدا |
طيـري ينـوحُ علـى غـصـون غيـابـةٍ |
مـنْ بعـد مـا نـفـضَ الجـنـاحَ مُـغـرِّدا |
فـي نبضـتـي شـوقـانِ , شــوقٌ حــارقٌ |
قــــد شــيَّــدَ الأضــــلاعَ مِــنِّــي مَــوْقـــدا |
شــــوقٌ يُـسـاورنِــي لأنْــشِــئَ رحــلـــةً |
خـلـفَ الغيابِ , لـكـي أُجـهِّـزَ مَـرقـدا |
وهــــنـــــاك شــوقٌ , كــلَّــمـــا تــنــتــابــنــي |
ذكـــراكَ , أرغـــى ثـُـــــمَّ ثــــــارَ وأزبــــــدا |
أُفــقــي تَــدلَّــى مــنــهُ بــعــضُ مــواجــعٍ |
قـــــدْ أيـنــعــتْ دمـعــاً وخَدّاً أســـــودا |
لـــــونُ الـربــيــعِ تـسـاقـطــتْ أضــــــواؤهُ |
والعـمـرُ كــلُّ العـمـرِ أصـبـحَ أجـــردا |
والـتـِّيـهُ يَـشـهــقُ فــــي دروبــــي , كـلَّـمــا |
قَـبـَّـلْــتُ خـــــدَّ الـمُـنـتـهـى - فــرحـــاً - بــــــدا |
تـأْوي إلـى كهْفـي طُيوفُ قصائـدي |
فــأبــثـُّـهــا شــــوقــــاً يــفـــيـــضُ تــــوجُّـــــدا |
يـجْـتـرُّنــي "لـــحـــنُ الـمـســافــةِ" عــابــثــاً |
بـــي , كـلَّـمـا هـوَّنــتُ قـــال غـــداً غــــدا |
فــي دفـتـري حرفانِ , بـعـضُ سـطـورهِ |
لا زلـــــــتُ فـــــــي إكـمــالِــهــا مـــتــــردِّدا |
حـــــرفٌ أُحــاولُـــه لأُحـــــدثَ ضـــجـــةً |
كـبـرى , وحــرفٌ قــــد أتـــــى مُـتــمــرِّدا |
أسـتـمـطـرُ المعنـى , يـفـيـض كــرامــةً |
فـهُــنــا أحـاسـيـســي تَــهـــاوى سُـــجَّـــدا |
أسْــمــالـُــهُ مــنــهـــا تــضــــــــيءُ طـــهــــارةٌ |
تـتــبــتـَّـلُ الأزهـــــــارُ فــيـــهـــا والــــنَّــــدى |
شـيـخُ العشيرةِ , غـيـر مـكـتـرثٍ بـهــا |
قـــــد طــلَّــقَ الـدنـيـا , وعــاش تــزهُّـــدا |
لازالَ مـضـربَ قـومِـهِ الأعـلـى فـكــمْ |
فــــضَّ الــنِّـــزاعَ بـحـكـمــةٍ , أجـــــرى نـــــدا |
مــاكـــان يــرجـــو أنْ يــكـــونَ مُــقــدمــاً |
غـيـرَ انَّ شــأوَ المـجـدِ مــدَّ لـــهُ يـــدا |
جـــــدرانُ حــجــرتــِهِ تـَــئِـــنُّ وتـشـتــكــي |
بـعـد الوليفِ , ومـشَّـقَ الـدَّهـرُ الـــرِّدا |
مِـــنْ عَـشْــرِ شــــوقٍ , كـلَّـمــا حـاولـتُـهـا |
عيْـشـاً أظــلُّ عـلــى الـمـمـاتِ مُـقـيَّـدا |
مُـسـتـنـكــرٌ نــفــســـي , فــمــنـــذُ وداعِـــــــهِ |
مَــيْــتٌ عــلـــى قــيـــدِ الـحــيــاة مُــهـــددا |
لــمْ تـشــربِ العـيـنـانِ مـــاءَ طفـولـتـي |
إلا تـســكَّــبَ فـــــي آوانِـيــهــا الـــصَّـــدا |
عشرٌ مضتْ بالفقْـدِ ظعْنَ قوافلٍ |
واليُتْمُ حاديها , وكنتُ له الصَّدى |
عــشــرٌ مــضــتْ والـتِّـيــهُ ظـلِّـي , إنِّـمـا |
لــمْ تسـمـعِ الأذنــانِ وصـــلاً مُـسـعـدا |
مـــــا ثـــــمَّ إلا الـفَــقْــدُ يــنــفــضُ كــتْــفَــهُ |
فـــــي كـــــلِّ يـومٍ , عـابــســاً ومُــعَــرْبــدا |
لا زلـــتُ يـــا أبــتــاهُ تـَخـنــقُ أَدمُـــــعي |
عيني , وتصرخُ هلْ ستمنحُ موعدا؟ |
مــازال يُشجيـنـي ويُـطــرقُ مَسـمـعـي |
صــوتٌ , ويُبكِيـنـي ويُـبْـكـي المَـسْـجـدا |
اللهُ أكــــبــــرُ كــلَّـــمـــا طَــــرِبَــــتْ لــــهـــــا |
أذنايَ , أَسْمـعُ مـا رفَعْـتَ مِـنَ الـنِّـدا |
حـتَّـى مـتـى سـأظـلُّ أَلـهـجُ يـــا أبـــي |
اللهَ مِـــــــــنْ وصْـــــــــلٍ بـــــــــدا فَـــتـــبـــدَّدا |
اللهَ مِـــــــنْ عُـــمْــــرٍ تَــقَـــضَّـــى دونـَـــــــهُ |
عُـمْــرٌ , وأبـقــى فــــي الـحـيــاةِ مُــشــرَّدا |
مـا عـادَ يَخدعُنـي البـقـاءُ , فوحشـتـي |
عَظُمَتْ , وأُنْسِي بالضَّياعِ قد ارتدى |