تعليق على كلام توكل كرمان : (الإسلام مصدر إلهام لا مصدر تشريع)!
لو أنّي تحدثتُ عن توكل كرمان لقالوا : أنت عدو المرأة رجعيّ ! ولولا أن توكل قد صارت معبودةَ الجماهيرِ اليومَ لما فتحتُ فمي , وأنا لستُ ناقضا مانافحت عنه في سبيل قضايا هي من قلب الإنسان اليمني في السواد ! أمَا إنَّ شخصها لكريم
وحُببَ أوطانُ الرجال إليهمُ ,. مآربَ قضّاها الشباب هنالكا
غير أني سأصبُّ اهتمامي على تعليق للسيدة نشرته وكالة الأنباء الإخبارية نقلا عن قناة دريم المصرية حول أعظم قضايا الوجود وهي الإسلام ! وما كنتُ أظن الإسلام حمى مباحا هكذا من شاء رتع فيه على عمى ,دون الرجوع إلى القرون الأولى ممن اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ,فنقف حيث وقفوا من الأصول والكليّات , فهم حجة في الفهم والبيان والفقه ! ودون الرجوع إلى أولي الأمر من العلماءِ أهلِ الاستنباط ! لقد قامت بفضل الله العديد من المجمعات الفقهية في عدد من الدول الاسلامية , قام اتحاد علماء المسلمين في قطر, وهيئة كبار العلماء في السعودية , ومركز تكوين العلماء في نواكشط , ومجمع الفقه الإسلامي في جدة , وفيها من أصحاب العلم والفضيلة الأثبات , من لو انتحى الواحدُ منهم جانبا من الأرض , لكان نسيجُ وحدِه ,وكان في كل أولائك الأعلام الغنى والكفاية بالتعليق والرد على خصوم الاسلام بالحجة البالغة , وبالتعليم والتوجيه والإرشاد في الفتوى والتأليف ومتابعة مااستجد من مسائل مستعصية في الطب والفلك والفكر والأسرة والمال وغيرها كما قال الله :( لتبيننه للناس ) بالحكمة والموعظة الحسنة . والإسلام دينُ الله المرتضى ,وطريقه المجتبى جاء للإنسان فطرة إلى فطرة , ونورا إلى نور (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله , ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لايعلمون ) وماكنتُ أظن أحدا يعمى عن عبقرية التشريع الإسلامي طوال هذه القرون حتى يأتي على الإسلام يومٌ كأيامنا هذه , فتحدث عنه ابنةٌ من بناته قائلة : (أن الإسلام مصدر إلهام , ولايصلح لأن يكون مصدر تشريع ) !هذا التشريع السماوي الذي كان بمثابة مزنةٍ كريمةٍ هطلت فغمرت القلوب فأصلحت ما أفسده الشيطان من الغل والحقد والشحناء , وكان بمثابة سفينة من سفائن الأخوة الإسلامية المهيبة تدارك اللهُ بها البشريةَ من الغرق في مياه الضلالة والقتل والتشريد والفرقة ! فإذا الأرض الميتة تدب في عروقها الحياة , فإذا بها تتحرك وتهتز ,وإذا بالسوامق من النخل , تعانقُ الهلالَ الخصيبَ من المساجد . وإذا بالبشرية التي كادت أن تختنق في أعماق الماء بالماء, هاهي تمشي على الماء من الهدى والفرقان والأخوة في الله , فتبتسم الدنيا , ويقهقه العمران !
قديما قالوا : أن المرأة مصدر إلهام ! فلما طالعتُ في كتب الأدب لم يستقر الإلهام على موضع اتفاق!
هذا يمدح المرأة الملهمة فيجري لسانه فيقول :
بيضاء قد لبس الأديمُ أديم الحسنِ فهو لجلدها جلدُ
فيأتي آخر ينقض قوله فيقول :
رأيتُ الهمّ في الدنيا كثيرٌ .. وأكثرَ ما يكونُ من النساءِ
فإذا بعفريت يأتيك مع الظهيرة قائلا :
بيضاءُ باكرها النعيمُ فصاغها بلباقة ٍ فأدقّها وأجلّها
فينقض آخر قوله :
فإن أحببتَ أن تحيا كريما .,. من الخيراتِ مملوء اليدينِ
فعش عزبا فإن لم تستطعه ,.,فضربا في عِراض الجحفلينِ
فتقول في نفسك لقد فرغ ما بالسحابة , فما تكاد تنظر إلى الباب حتى تسمع صائحا يقول :
صوني جمالكِ عنّا إننا بشرٌ ,., خلقُ الترابِ وهذا الحسنُ رباني
وما أن يهز عطفيه مزهوا بما قال , حتى يبهتهُ شاعر آخر فيقول :
تنحّيْ فاجلسي مني بعيدا ,., أراح الله منك العالمينا
أين مكمنُ الإلهامِ من المرأة بالضبط ؟! ألا يجوز أن تكون الزهرةُ الفينانة والنسمة الوامقة الولهانة ,والنغمة الشجية من الطير الصافات الرنانةُ ملهمةً إياك تسبيحةً تتضرعُ بها إلى مولاك ؟! أمّا أن يكون الإسلامُ الحنيفُ مصدرَ إلهامٍ , ولا يكونَ مصدرَ تشريعٍ , فهذا الكلامُ أقربُ إلى السفه من الرشد , وأدنى إلى العِيّ من البيان !وكان أولى بهذا الهذيان أن يُوارى كما يُوارى الجثمان ! ولسنا نرى ثورةً تأتي بمثل هذا الكلامِ إلا كانت بيضة َ شيطان !
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منتفخا كالبالون, ظنَّ من نفسه السيادةَ والشرفَ أنه بالغٌ الذروةَ من مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يامحمد أنا مدحي زينٌ ,وذمّي شين! فقال صلى الله عليه وسلم : ذاك اللهُ ! من ينهضُ بمن وضعَ اللهُ أنفهُ في الرغام ؟! ومن يمنع من أراد اللهُ له أن يكون ذكرُه مقرونا بذكره ؟! أتعمدُ امرأةٌ مسلمةٌ إلى الحجاب فتنزعُه , وتتركَ يدَها البضةَ في يدٍ أجنبية تتحسُ فيها ماتشاء ؟؟!! ألا تأكلُ الغيرةُ قلبَ زوجها أو أبيها أو أخيها ؟ يشدد الإسلام فلا يرتضي الهوان لمسلم أن يُمّمَ وجههُ شطر المعابد أو الكنائس مهما بلغ من الضعف , حتى لا يسبق إلى الوهم ِأنّا نقرهم على شيئ مما يقولونه على أنبياء الله من إفك وبهتان , فتأتي هذه (التوكل) بما هو أبشع في القلب ,وأقذى في العين .. فتذهب إلى حفلات غنائية !! ماذا ستقول النفس في هذه الأجواء الحمراء ؟! أتفزع إلى التهليل والتكبير ؟! أم أنها ستصادف هوى مكبوتا فيها , حاصره الإسلام فهذّب من غلوائه , وسكّن من نزواته ,تُسعِّرهُ هذه الجوقاتُ من الفرق الموسيقية, والآلات والمعازف فسرعان ما ينكسر الجدارُ فينفجر السيل وتنطلق الصرخات والآهات فتقع الكارثة ! ذلك لأن الله لعن هذه الصالات فلا تميد إلا بالفتنة والفجور ! مالنا ولها ؟ هل في يد الغرب سنةٌ في الكون تجري بماشاء , حتى تطيرَ الكواكبُ من بناتنا إليه , تُرضّيهِ من نفسها بما لايقرّه شرع , ولا تسمح له مروءة ؟ ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم .. ) الآية في تلك اللحظة التي تلقطُ العينُ فيها حركةَ اليدِ المسلمة ممتدةً ببطء , وفي النفس منها شيطانٌ يقول : هذه من أجل شعبي ! تمتدُّ اليدُ الصليبيةُ مصافحة , وفي النفس منها شيطان يقول : إني لأطمعُ بالمزيد ! ألا يمكن أن يحصل المسلمُ على حقه في الدنيا وقد وفر عرضه وسلم دينه ؟! حكى الله عن بلقيس : ( قالت كأنه هو) وما كانت بلقيسُ لتنكر كرسي ملكها , ولكنها النجابة حين ترتدي ثوب الدهاء ! ( فلما رأته حسبته لجة , فكشفت عن ساقيها ! قال إنه صرحٌ ممرد من قوارير !) وما كان للحرة أن ترضى بالدون , فتظهر شيئا من محاسنها لغريب , تبغي رضى فلان , ولو كان الفلانُ هذا نبياً من أنبياء الله الكرام , وماكانت لتعلن إسلامها لولا أن خطبا جللا نزل موطن العفةِ والكرامةِ منها , فأصابها في ذهول , لم تفق منه إلا بقولها : ( قالت رب إني ظلمتُ نفسي وأسلمتُ مع سليمان لله رب العالمين ) ! والغريب أن بلقيس كانت من قوم كافرين ؟! إليك يابنة الإسلام فلا تفنتني من هنّ دونك عن العفاف والديانة ! قال الله تعالى : (أفغير دين الله يبغون ؟! وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون )
2/ 3/1433هـ