ومع صباح فيروزي تتناهى الأنغام من المذياع .. أحمل فنجاني مع أوراقي .. أسماء .. أرقام
إنما يضيع النشاط ليحل محله الاسترخاء .. ليس هدا وقت حسابات .. ولا وقت مداد جاف .. ينكمش من الجفاء
يختلط حفيف أوراق الشجر مع تغريد العصافير والصوت الفيروزي لتتشكل لوحة ولا أروع منها في الوجود
جمالية خلابة .. سكون ممتع .. طمأنينة لذيذة
إنها السعادة .. سعادة الروح .. والقلب والأعضاء واللسان
نعم تعال يا كتابي الغزير ..تعال الآن .. لأملأ صفحاتك البيضاء بعضا من مداد الأنفاس
بحفيف متسلل إذا به صوت مخملي يتناهى عبر الأثير يلفت الانتباه
تساءلت باستغراب :
- من هذا ؟
امتدت اليد تزحف على معصمي بثقة ..
- تقصدينني سيدتي ؟
- أجل من أنت .. كيف تقتحم خلوتي هكذا دون استئذان ؟
- لأني عاشقك الولهان
- هه .. أضحكتني .. عاشق ولا علم لي به كيف ذلك ؟
- أولم تعشقي يوما بطلا بكتاب ؟ .. أولم تحبي يوما عابرا بقافلة من ركاب ؟ أولم تهيمي ساعة بشخصية من حلم قد فات ؟
هو ذا عشقي لك .. عشق سرمدي لا يحتاج إخبار ولا ينتظر إقبال ..
- لكني لست بطلة .. ولا عابرة سبيل أنا مجرد إنسانة تختزن الحياة بكفها الأيسر ..
- دعي لي مهمة تجسيدك .. لأني أعرفك أكثر منك
أنتِ السع ـــادة كما تحبين أن تسمي نفسك بالأعماق
أنتِ حلم جميل تحول حقيقة .. نبراتك الصاخبة تحيك الحب حولك .. ابتسامتك الفاتنة تخلق العبير جنبك
حبك الأزلي للفراشة .. ينسج الربيع نباتا متشعبا بفمك .. فيحيل كلامك أخضر .. ملون بعبق الزهور ...
صفاء الأفق أمامك يخلف الرعشة بأوصالك .. فيجعلك تحيكين النقاء بأناملك جسرا يوصل بينك وبين أمنياتك ..
- كلامك جميل .. لكن لا تنسى أنك تتحدث عن إنسان ..
نعم لكل منا جانب مضيء .. لكن يوجد أيضا الجانب المظلم .. به الشر .. الاحتيال.. الحسد .. الكذب .. الخداع .. المكر .. وإن لم تجد بي الكل من هذا .. فستجد أكيد البعض من البعض ..
- طبعا .. لكن من زاويتي هذه لا أرى إلا جانبك المضيء .. ربما انعكاس الشمس خلف النور الوهاج فاتضحت الرؤيا ثاقبة
- قل لي من أنت ؟ لمَ لم تظهر لي مند زمن .. أين كنت ؟
- كنت أنتظرك بآخر الرواق .. بآخر الكتاب
- لا لا .. لا تنتظرني بعد الآن أنا هنا جنبك .. أنا من انتظرتك أبد الدهر .. تعال أسلك الطريق إلي .. أريدك لي فما هناك من يراني أكثر منك
- آه كم تجعليني أخرج عن طوعي .. كم تخيلتك وقلمك الرقيق الحالم .. كم تخيلتك وخلوتك الفريدة هذه ..
يا ليثك تعلمين كم زرعتِ الألغام بفكري .. حتى صار الانفجار وشيك مع كل إبحار فيك ..
- أين أنت لا تظل بالظل أكثر .. تجسد لي حقيقة .. أحتاج أن أعانقك حتى تكف المسافة عن قلبي .. أحتاج أن تكون رفيقي بالحياة فنظرتك الصافية هذه وحدها تستطيع خلق السعادة من الأغصان .. هياااااااا اظهر لي .. أريدك لي
- أنا فعلا لك .. وبك .. ولأجلك أكون
قمت من مكاني أبحث .. أناديه.. أنقب عنه الحب المثالي النادر
- اظهر لي .. هيااا اظهر لي ..
جاءني الصوت عبر الأثير من جديد ..
- لن أظهر لك .. لأني دوما معك أنتظرك بدفة محبرة
- كيف معي ولا أراك ؟
- أنا ............... لا أستطيع
- لم لا ؟
- لا أستطيع .. لأني أنا من أنتظرك بأروقة كتبك .. أنا من أختلس النظر إليك .. من شبابيك أوراقك .. أنا من عشقتك من كلماتك قبل رؤيتك .. أنا سيدتي من تجسست عليك بين سطورك ..و أنا من تبعتك مرات كثيرة عبر ممرات أفكارك .. فتلتفتي أحيانا لتري من خلفك لكن تجديني قد اختبأت خلف جدار أوتارك
تراجعت خطوة للوراء متسائلة بجزع :
- .. ممن .... من أنت .. ؟
- أنا ؟ .............. أنا "قارئك المأثور" ..
من مذكراتي الهذيااااااااان
؛
؛