؛
صادفتها من جديد بين مفترق الردهات
حاولت تجنبها لكنها سدت الممر علي .. فلم أجد إلا الامتتال .. قادتني للحديقة .. جلست على الكرسي وجلست قبالتي مستعدة للحديث :
سألتني : لماذا تتحاشين رؤيتي؟
أجبتها مطأطئة برأسي :
- لأنهم أخبروني أنك لستِ موجودة
- كيف ؟؟؟ وهل تصدقينهم ؟؟؟
- ممم .. لا إنما كلهم أجمعوا على ذلك
- ألا ترينني الآن بعينيك ؟ ألا تسمعينني بأذنيك ؟؟
- أجل
- إذا ماذا دهاك كيف تصدقينهم هكذا بكل بساطة؟؟
- لأنهم أخبروني أنك من نسج خيالي فقط .. ووحدي أراك .. أخبروني أني اخترعتك .. حتى صدقت وجودك
- أنتِ مجنونة .. وهل يمكن للشخص أن يخترع آخر يتحدث ويُرى ويتحرك ؟؟
- ربما كشأن الكاذب حين يبتدع كذبة وبعد مطاف يصدقها .. ويراها حقيقة معلومة
- طيب سأسير معك بنفس الدرب لنرى أين نصل
لمَ ستفكرين باختراعي ؟ وكيف ؟
- قالوا أني بصغري افتقرت للصداقات أو ربما لم تحز أي صداقة مدى طموحي فابتدعت لعبة الحديث لشخصية خيالية من نسج خيالي .. حتى أسلي نفسي .. وفعلا فعلت .. كانت بالبداية لعبة مسلية .. إنما بعد التعود أصبحت الأمور تخرج عن السيطرة وهكذا ظهرتِ أنتِ من العدم .. صورة وشكل وصوت .. وكيان بأكمله .. فأصبحـتِ تحتلين جزءا كبيرا بوجودك
- ألم يخطر ببالك أبدا أنهم جميعا كاذبون وأنتِ الصادقة الوحيدة ؟
- نعم خطر ببالي .. إنما فكرت ما مصلحتهم بالكذب علي وكلهم يحبونني .. حقا أعياني التفكير .. والبحث عن منطق بين جدران لا تعترف بالمنطق
- تضحكينني .. إذا هيا صفقي بيدك حتى أظهر أو أختفي
- الأمر ليس هكذا .. وأنتِ تدرين ذلك جيدا .. فلا تتذاكي .. تعلمين أني لا أؤمن بالخيال ولا بالسحر
- أنت من تصرين أنني خيال ولا يراني غيرك .. لكن مهلا من هم الذين يدعون عدم رؤيتي .. لأني لم أرك يوما مع أحد ؟
- ماذاااااا ؟؟؟؟ ما تقصدين ؟ هم أحبائي من يهتمون بي .. من يخافون علي .. من يؤنسونني .. من يحمونني .. هم حياتي بأكملها وسعادتي ..
دعيني أفكر .. هم يؤكدون أنهم لا يرونك .. وأنتِ تؤكدين عدم رؤيتهم .. إذا معهم حق .. أنتِ شخصية خيالية ابتدعتها يوما .. أنتِ غير موجودة وأنا أراك وحدي .. لا يمكن ,..؟؟ كيف يعقل .. ؟
- اهدئي يكفي انفعال .. كل شيء سيتضح .. انتظري سأحضر أقراصك واضح نسيتِ تناولها والواضح أكثر أني الحقيقة الوحيدة بحياتك .. وكل شيء عداي مجرد خيال
أحضرت علبة الأقراص مع كوب ماء .. راقبتها إلى أن استسلمت للنوم
ثم غادرت البيت بخطى هادئة لتدخل بيتها المجاور ودهنها يردد العبارات : " من هم هؤلاء ؟ منذ سنوات وأنا أعرفها وحيدة .. تعيش جواري وحيدة .. لا يزورها أحد .. ولا تعرف غيري .. فمن هم هؤلاء الذين تتحدث عنهم اليوم .. أيعقل من نسج خيالها ؟؟؟؟؟؟
ربما .. من يدري .. "
؛