لكل مدينة مئذنة ومئذنة عكا غسان
قال غسان: ( إن كل قيمة كلماتي كانت في أنها تعويض صفيق و تافه لغياب السلاح..و إنها تنحدر الآن أمام شروق الرجال الحقيقيين الذين يموتون كل يوم في سبيل شيء أحترمه.)
خسرنا، نعم خسرنا يا غسان لأننا الأضعف في كل شي ،فنياً وبدنياً، فكريا و تكتيكياً،نعم خسرنا لأن الولاء في الوطنية أصبح للمال وللرمز(وليس في ذلك مشكلة).
نعم خسرنا لأنّا لم نجد ما نحفز به عقولنا إلا المكافأة ،لم تعد هناك محفزات ولا أوتار للعزف، لا الوطن ،لا السمعة ، لا التاريخ ولا الأمة ، فقط "مكافأة مضاعفة " هذا هو المهم.
نعم خسرنا لأن معسكرات رموزنا أصبحت لإعداد الأندية وتجهيز المتهمين. نعم خسرنا لأن الوطن أصبح متاحا للجميع، فقط جولتين وهدفين تجعلانك ضمن القائمة السوداء، لم يعد الحراك الوطني هو "المكافأة" لموسم طويل وجهد نضال متواصل بشرف، بل إنه لم يعد الطموح لأنه باختصار"متاح للجميع."
نعم خسرنا لأن الأخضر لم يعد أخضر بل نراهم على شاشاتنا بقمصان أحزابهم ، ونثني على أحزاننا من خلالهم.
نعم خسرنا لأننا لم نعط "الخبز لخبازه" و لم نُحضر لمعركتنا، نعم خسرنا لأننا لا نجيد التخطيط والتنسيق ، فمعركة مصيرية أمام خصم متمرس ونلاقي قبلها وادي الغيلان أمر لا يحتمل ،شخصياً أشكرهم لأنني لم أكن أعرف ألوان وشعارات الأحزاب الفلسطينية. نعم خسرنا لأن حارس مرمانا لا يعلم من أين تؤكل الكتف، ومناضلينا انشغلوا بشعار الحزب لدرجة تحول معها الوطن إلى ما يشبه ثلاجة "مشروبات غازية" لكثرة الألوان والمخلوقات الغريبة المعلّبة المحفوظة فيه.
نعم خسرنا لأننا نملك حزبا ضعيفاً وخططاً عقيمة وقاعدة متهالكة، و إعلاما مُكبلا ينتقد من يشاء في كل مجالات الحياة إلا حزب الغيلان الرابض في وكر المسرح،نعم خسرنا لأننا لم نتخلص من سياسة "الإبر المهدئة " عند أي انتكاسة
هنالك ذرفَ من الوجد دموعًا لا يذرفها إلا من قل نصيبه من الأصدقاء ، وأقفر ربعه من الأوفياء ، وأًصبح غرضاً من أغراض الأيام.،كذلك صار الوطن يا غسان.
قال غسان كنفاني في روايته الرائعة عائد غلى حيفا،قال على لسان الإبن خلدون والذي تغير اسمه لاحقا ليكون "دوف"،قال دوف لوالديه:كان يجب عليكم ألا تتركوا رضيعاً في السرير وتمضوا".
أكاد أجزم أن غسان كان يريد أن يقول لجميعكم:كان يجب عليكم ألا تتركوا وطناً مغتصبا وتمضوا."
ملاحظة لم أجد ساحة للمقالة فوضعت الموضوع هنا.