|
تجرَّعَ كأسَ اليُتمِ من راحتَيْ ساقِ |
فجادَ شحيحُ الدمعِ من بعدِ إملاقِ |
ألوذُ بجنبِ القبرِ والطرْفُ خاشعٌ |
ويصرخُ قلبي خلفَ صمتي وإطراقي |
أُسلّمُ والعبْراتُ تخنقُ أحرفي |
وتُطلقُها موءودةً دونَ إشفاقِ |
أحنُّ إلى صدرٍ يلمُّ تبعثُري |
فهل بَلَّ ظَهرُ القبرِ شوقاً لمشتاقِ |
أناديكِ يا أمي فترجعُ بحّتي |
صدىً في اللهى يرتدُّ رعداً بأعماقي |
كأن فؤادي مُضغةٌ لاكَها الردى |
ولم يبقَ فيها للأسى المغتذي باقِ |
أمرُّ بكفي فوق طاهرِ جبهةٍ |
وأرقي وما للموتِ في حينِها راقِ |
وتفتحُ لي جفناً أناخَ به العَيا |
فتغمرُني نظْراتُها رغمَ إرهاقِ |
ترومُ حديثي واللسانُ يخونُها |
يضنُّ بصوتٍ للكريمةِ رقراقِ |
فلم أدرِ أنّا والمنونَ ثلاثةٌ |
إلى أن تفقّدتُ العشيةَ أرماقي |
فيا رمقاً ينسلُّ بالأمسِ بغتةً |
رويدَك فالثاني على وشْكِ إزهاقِ |
تسامتْ إلى أكنافِ ذي العرشِ وارتقت |
فأكرمْ بمَرقيٍّ إليه وبالراقي |
دعاها من الرحمنِ داعٍ فعجّلتْ |
ورُبَّ عَصيٍّ ربَّه غيرُ سَبّاقِ |
أوالدتي والموتُ حقٌّ على الورى |
وكم مُنكِرٍ حقاً وفي الموتِ مِصداقِ |
ولكنه مُرُّ الفراقِ بعقْبِهِ |
وكم ذائقٍ عُقباهُ للكأسِ ذَوّاقِ |
أغاليتي أين الصدى عبرَ هاتفي |
يهدهدُني كالحلمِ يسري لأحداقِ |
يرشُّ نداهُ فوق صحراءِ غربتي |
فتهتزُّ من صوتِ الحبيبةِ أوراقي |
وتسرحُ في ذكرى الطفولةِ أعيُني |
فتضحكُ في جوِّ الكآبةِ أشداقي |
وكم كنتُ من خوفي بحضنِكِ أتقي |
فما ثَمَّ لي في رهبةِ الليلِ من واقِ |
أنادي ملاكَ الروحِ في كهفِ وحدتي |
ومَن مؤنسٌ مِن بعدِها وحشَ اشواقي |
ينوءُ بأوزارِ التغرُّبِ كاهلي |
وحطّمهُ محمولةٌ فوق أعناقِ |
فيا لوعةً غُصّت بها غربةُ الفتى |
فلا شائقٌ تهفو له عينُ مشتاقِ |
أُشاغلُ فكري بالهمومِ هنيهةً |
فتجذبُ يُمناها تلابيبَ خفّاقي |
أُجاملُ صحبي بابتسامةِ شاحبٍ |
ويطفرُ حزني من نوافذِ آماقي |
جهدتُ على السلوانِ صَدعاً بأمرِها |
وأنّى تطيقُ الأمُّ حزناً بأعماقي |
فعفوَكِ أمّاهُ عصيتُكِ مكرَهاً |
فقد جَلَّ حزني فاعذريني لإخفاقي |
أأرثيكِ أَمْ أرثي لنفسي ويُتمِها |
ووحشتِها ما بين تيهٍ وأنفاقِ |
تلفّعْتُ بالأحزانِ والدمعُ عارضٌ |
ولا أرتجي صحواً يقشّعُ آفاقي |
تُربّتُ فوق الجرحِ راحةُ ثاكلٍ |
وأسقيه ذكراها..فلا مَلّهُ الساقي |
عسى اللهُ في الأخرى يلملمُ شملَنا |
ويُنشِزُ عظمينا معاً بعد إخلاقِ |
وننبتُ من تحتِ الترابِ شُجيرةً |
تشابكت الأوراقُ منكِ بأوراقي |
سِراعاً من الأجداثِ في يومِ محشرٍ |
إلى ربِّنا،،والتفّت الساقُ بالساقِ. |