السادة الكرام والسيدات الكرائم أعضاء ملتقى رابطة الواحة الثقافية
السلام عليكم ورحمة الله
عقد من عمر رابطة الواحة الثقافية انقضى وما تزال في المقدمة رائدة لكل ما ينفع ويفيد ، وكل ما ينهض بالفرد وبالمجتمع متفاعلة مع الواقع العربي بحياد إيجابي وبانحياز للحق والخير والجمال بهمة أعضاء كرام وبجهد إداريين صدقوا الوعد والتزموا العهد وتسربلوا بالولاء. ولقد كان تم قبل ستة أعوام تسجيل رابطة الواحة الثقافية كمنظمة ثقافية عالمية إسلامية المنهج عربية الهوية عالمية التوجه - رغم كل محاولات منع ذلك أو تحويلها عن مسارها و تحريف منهجها - لمنحها الشخصية الاعتبارية الرسمية ولتظل العلامة الفارقة والصرح الأعلى والأرقى في الشابكة والمنبر الذي يحرص كل صادق راق نبيل على أن يكون فيه وينتمي إليه.
ولم يكن تأسيس رابطة الواحة الثقافية وإطلاق ملتقاها على الشابكة إلا تلبية لحاجة الأمة العربية إلى منبر راق وصريح يقوم على خدمة المشهد الثقافي فكريا وأدبيا بأصالة وانتماء ومحاربة للتبعية ومحاولات التشويه التي سادت المشهد الثقافي العربي وأجهزته الإعلامية ، وترسيخا لتعامل أخلاقي راق في التعاطي مع الشابكة والتفاعل بين الأفراد خصوصا في ظل انتشار ظاهرة التعاطي العربي السيء والمسيء للشابكة بما لا يخفى على الجميع.
وبهذا حملت الواحة رسالة ثقافية أخلاقية ناهضة تقوم على الأصالة والانتماء للهوية وتحرص على خدمة الأمة والنهوض بمقدراتها نحو مستقبل مشرق فكانت رسالتها واحة في هجير التردي الأخلاقي وصحارى التيه الثقافي ، وأسست على التقوى من أول يوم وقفا لله تعالى وإبراء للذمة وتحدثا بنعمة الله فإنما بالشكر تدوم النعم ويرضى الخالق جل وعلا.
وقد أدت رابطة الواحة الثقافية على مدى السنوات العشر المنقضية دورها الريادي بالتزام لا يمل وبجهد لا يكل، وبعزيمة دائبة تنتهج التسديد والمقاربة والحرص على كل ما يفيد ، لم يثنها عن مواصلة لمسيرتها في خدمة الأمة وأدبها وتراثها عائق ولا مخذّل، رغم صعوبات وتحديات عايشتم بعضها وبلغتكم أخبار بعضهما وخفي عنكم الكثير منها، وقد حققنا من الخطط الموضوعة ما شكل علامة فارقة في المشهد الأدبي نباهي بها ونفتخر وشهد لها كل صادق منصف من رواد الشابكة ومن خارجها في المؤسسات الرسمية والأكاديمية حتى باتت مرجعا معتمدا ومأثورا لكل طلاب الأدب ومحبيه ولكل مثقف حر ملتزم.
أما أهداف الواحة ومشاريعها فقد ولدت بها عملاقة وتم تحقيق العديد من الإنجازات والمشاريع وأخرت الظروف المختلفة خصوصا المادية منها إنجاز العديد ولكنا نثابر في تحقيقها تدريجيا بالمتاح من المقومات وبالرهان على كل صادق شريف من ابناء الأمة. ولعل أحد أهم الإنجازات ما للواحة من دور لا ينكره منصف في رفد الساحة الأدبية بأسماء بات لها قدرها وقد سمت فيها قدراتها، ناهيك دورها في استعادة الأصالة الأدبية ومحاربة التبعية وموجات التشوية المختلفة ، والحفاظ على الهوية الثقافية العربية نقية في زمن كاد أن يضيعها الإعلام والأدعياء باختراقات مشوهة تحت مسميات تجديدية خادعة، وكان لاعتمادها التعاطي الايجابي والتفاعل الجاد مع النصوص المنشورة فيها والحرص الصادق على التناصح للارتقاء بقدرات الأدباء أثره الباهر، فأقر مشكورا من أقر وأنكر من أنكر ، وظلت الواحة دوما شمسا مشرقة في سماء الشابكة ورائدة العمل الثقافي الجاد لا يشبهها شيء مما نشأ حولها كالحشائش حول الأشجار من مواقع حاولت التزيي بزيها وادعاء حمل رسالتها ومحاولات تقليدها سواء بالمسميات أو باستلاب الأفكار والمواضيع والمشاريع منها أو بوسائل نترفع عن ذكرها هنا.
اليوم وفي ظل ما تعلمون مما تعيش الأمة من ترد فكري وثقافي وحضاري، تقف الواحة في المواجهة وحيدة عنيدة مثابرة، تتصدى لمشاريع التضييع ولمحاولات تشويه القيم والمعاني السامية قائمة على ثغر مهم من ثغور الأمة رغم ما تجد من معوقات ورغم ما تتلقى من طعنات أقلها درجة موجات " التهكير " المتتابعة التي تشهدون والتي تضطرنا لتغيير السيرفر المرة تلو المرة بحثا عن ما يحقق درجة الأمان المطلوبة ويحتمل ثقل الواحة بحجمها الكبير وقاعدة بياناتها الضخمة ومعدلات النشاط الكبير فيها.
وإننا إذ نقبل على مرحلة جديدة من عمر الواحة بتطلعات أبعد وطموحات أعلى لنأمل أن يضطلع كل كريم بدوره للرقي بهذا الصرح العظيم عملا لا قولا ، وأن ينفذ بعثه للنهوض بواقع الأمة والارتقاء بآدابها وثقافتها ، ذلك أن الواحة ما أريد لها يوما أن تكون مجرد رقم في عدد المنتديات ، ولا أن تكون مجرد موقع للتسلية وقضاء الوقت وتقبل التصفيق والمجاملات.
ولأننا الواحة تعمل بمنهجية مختلفة ذات أرب لا ذات طرب فإننا رأينا أن تكون احتفالاتنا بمرور عقد على انطلاقة الواحة مختلفا بمراجعة المسار بدل التطبيل وبتقييم الأداء بدل التهليل. ولأنها مختلفة فقد رأينا أن نضع في أيديكم أنتم مستقبلها ومصيرها ثقة برأيكم واحتراما لرؤيتكم ورغبة في مشاركتكم الفاعلة في تحديد معالم مستقبل الأمة فإما انطلقت الواحة مجددا بقوة وبفاعلية بآليات تقترحونها ومسار تصححون منه ما ترون من اعوجاج فإنما نحن بشر نجتهد فنسدد ونقارب ونصيب ونخطئ ولكننا دوما حريصون على أن يسود الحق وأن يعم الخير وأن يسمو الجمال؛ فشاركونا برأيكم الصريح الناصح بتجرد وأرب والتزام لنعلم هل للواحة برأيكم دور مستحق فتواصل وتثابر بكل جهد ، أو غير ذلك فنقوم بما يلزم من تصحيح يحقق الهدف ويرضي الكرام.
ننتظر رأيكم الكريم ورؤيتكم الثاقبة بصراحة وتجرد وبدون مجاملة أو مخاتلة وإننا نرحب بكل رأي حتى لو ذهب حد المطالبة بإغلاق الواحة فإننا نشجع على حرية الرأي الجاد لنؤسس لمنهج العمل التكاملي التفاعلي المثمر والقويم.
تقديري
د. سمير العمري
رئيس رابطة الواحة الثقافية