تتفتَّحُ زهَرَاتُ الأشواقِ النديّةِ بألوانِها الزاهرةِ الساحرةِ على
مشارفِ همساتِ البعادِ والبينِ المُزبدِ في حنايا المتعبين وسجايا
النازحين ، تفرشُ من عبيرها الميّاد جناحاً ، وتسكبُ من رحيقها المختوم
كــأساً زلالاً قَراحا ، تلوّحُ بالمياسمِ والأفوافِ لمن رَكَزوا في
صباحات المجد عنواناً ، وملء نهاراتِ العزّ روْحاً وريحاناَ ،
لتناغمَ بنبضِ الحِسانِ من أخواتها وهي تغرّدُ على الطرُقات :
( لا تُخفِ ما فعلت بك الأشواقُ ... واشرحْ هواك فكلّنا عشّاقُ )
ثمّ تهتزّ عهدَ يمرّ بها حفيفُ أرواح الظاعنين ، عن الديار والأحبّةِ
سائلين ، الذين متى ما أرادوا أن يشدّوا الرحال ، بلغوا المنازل قبل
الإرتحال ! ، فليس يحدّهم زمانٌ ولا مكانٌ ، وهمْ هــمْ بأرواحهم
اللطيفة العفيفة يطوون المكان والزمكان والزمان ! ، عُدّتهم نورٌ
في سويدا الفؤاد ، وزادُهم تلك الزهَراتُ من سابغات الشوق بين
العقل والضمير واللُبّ والوداد ، هناك ، حيث لا هناك ! ، تنجاب
الحوالك من ليالي العنا ، وتنقشُ الأعينُ بمائها على الأرائكِ ذكريات
أشواق الدنا ، تحملها الزواهر حينها لا الزَهَرات ، فتتلو
غِبّ كلّ نافلةٍ وفرض " اللهُ نور السموات والأرض .... " ،
ثمّ تنشدُ للآتين :
أبداً هواكم قبلة الأعماقِ ... يا ثلّة الخلصاء في الآفاقِ .