همسات لروح أخي وصديقي الشّاعر العراقيّ : أحمد حسين أحمد رحمه الله وأدخله فسيح جنانه
حضنتكَ روحيَ غيْرَ أنّكَ يا أثير حملتَها
ومضيتَ تصعدُ للسّماءِ مُجَلْبَبًا بِعَبيرِها
طافَت نَوارِسُكَ الشّريدة يا أُحَيْمِدُ في دمي
فَنما لأوْرِدَتي جَناحًا أبْيَضًا
وَتَمايلَت بَجَعاتُك الحَسناءُ فوقَ مَفارِقي
فغدَتْ هِضابا يانِعَهْ
يحبو على يَدِها الرّبيعْ
كُنْتَ العِراق وكانَ نخلُه صامِدا فَوقَ الثّرى في مُقْلَتَيْك
والرّافدَيْن تَشعّبا في صَدْرِكَ المَذبوح بالوَطَنِ الطّعينْ
حَكَموا عَلَيْكَ بِهَجْرِهِ
لكنّهم لَمْ يَعْلَموا
أنّ العِراقَ بأسْرِهِ
سِرَّا تَغَلْغَلَ في رُؤاكَ
وأنّهُ
طَوْعا أتاكَ مُعانِقًا
لإلهِ عِشقٍ قابِعٍ في خافِقِكْ
يا مَنْ تَوَضّأَ بالنّدى
وأشاحَ عنهُ غلالةَ الدّمِ والتّرابْ
ومضى طليقًا نازِعًا
عن ريشِهِ
أثرَ العَذابْ
سيظلّ حرفُك راقِصًا
فوقَ السّطورِ إلى الأبَدْ
ويَظَلُّ يَحمِلُ بابِلا
ويَضمّ أشجان النّخيلْ
وستنتشي بِهَديلِه
رئتان : دجلةُ والفُراتْ
عَبَثا يُحاوِلُ يا عَزيز تشاؤمي
أنْ يَصهَرَ الأملَ الّذي
حاكتْهُ لي عَيْناكَ يَوْما مَعْطَفا
لِضُلوعِ حَرفِيَ مِنْ أعاصير الفُتورْ
سيَظَلُّ همسُك بلسمًا
يشفي ندايَ
إذا غزتهُ للحظةٍ
حُمّى الشّتاتْ
_________________________
يَبْكي الفُؤادُ أُحَيْمِدا
وَيَبوحُ ضِلْعِيَ بالهُمومِ مُغَرِّدا
قَدْ كانَ كَرْمًا أرْتَجيهِ بِعُسْرَتي
فَيَصُبُّ فَيْئا مِن دَوالِيَ كَفَّتَيْهِ عَلى دَمي
وَيَلُمُّ عُنْقودي بِهَمْسِ غَمامَتَيْهْ
يَشْتَفُّ جَمْرِيَ بَلْسَمًا
يَشْفي بأحْمَرِهِ رُؤاهْ
قَدْ كانَ زَرْعًا أخْضَرًا
يَنْمو عَلى أعْتابِ جَرْحٍ راعِفٍ
بِيَبابِ خَفْقي
ذاتَ أنْ أعْتَقْتُ روحِيَ شُعْلَةً
لِفَتيلِ قِنْديلٍ تَتَلْمَذَ
سِرَّ بَوْحِ النّار يَوْمًا
مِنْ لَهيبٍ سابِحٍ
في مُقْلَتَيْهْ
كَيْفَ الوُصولُ لِبَعْضِ سَلْوى
والطّريقُ أيا رَفيقُ
تَصَحَّرَتْ
مِنْ ناظِرَيْه
أَيْنَ السَّبيلُ إلى الرَّجاءِ وَخَطْوُهُ
قَدْ شَفَّ مِنْ كأْسِ الفَناءِ رُشَيْفَةً
فَتَبَعْثَرَت نَجْواهُ مِنْ فَرْطِ انتِشاءْ
يا صاحِبي
ظِلٌّ أنا
فَوْقَ الطَّريقِ إلى الرّحيقْ
جِسْمي خَبا في أبْيَضٍ
ذاك الّذي
زَجّوهُ في عُمقٍ سَحيق
فَعَلامَ تُمْعِنُ في التَهَجُّدِ نَحْلَتي
لأضيقَ ذَرْعًا بالزُّهورِ وأسْتَفيق
شَجَنٌ أنا
سَيَزيدُهُ فَقْدُ الأُحَيْمِد حَسْرَةً
لِيُدِرَّ دَمْعَهُ عَلْقَمًا
في ثَغْرِ ذِكْراهُ الرّقيقْ
___________________________________
شَجَنٌ وَيَصْرَعُني القَتامُ أيا رَفيقْ
ويِفِرّ جَمْرِيَ مِنْ ضُلوعي حينَ مِنْ حُزْني يَضيقْ
قَدْ غابَ خَلْفَ الغَيْمِ فارِسُنا الأصيلْ
دَمْعي عَلى الوَجَناتِ صبّارا يَسيلْ
لكنّهُ
كانَ الدّواءَ
وَسَوْفَ يَبْقى للأبَدْ
يَشْفي جِراحَ الرّوحِ مِنّي
حينَ يَخْطِفُني الكَمَدْ
يُغْري النّوارِسَ كَيْ تُغَنّي
فَوْقَ صارِيَتي العَبوسْ
بَجَعاتُهُ الحَسْناءُ حَلّتْ
فَوْقَ ميناءِ الوَريدْ
مِنْقارُها حَمَلَ الشُّموسَ
لِدُنْيَتي فَجْرًا وَعيدْ
غاباتُهُ السّوْداءُ بَلّلَها المَطَرْ
رَغْمَ احتِدامِ العُتْمِ
داعَبَها الزّهَرْ
هُوَ أحْمَدُ المَسْكونُ عِشْقا للرّبيعْ
سيَظَلُّ طولَ العُمْرِ
يُهدينا شَذاهْ