كل الحروف أنت ، يا ساكنة بجوفي ، صدري صحراء تخفيك بعمق مئات حبات اللؤلؤ المتانثر علي وجنتيك ، لا تزهر أحرفي إلا بك ولا تنبعث خفقاته إلا بدقات قلبك ، وتنزوى الكلمات في غيابات جب المراراة حين تغادرين بأنفاسك الطاهرة فناء روحي ، تختفي الأحرف المورقة مع أبتعادك ، وتمطر السماء فرحا حين تلتقي ذاكرتي بوجهك المشع رقة ، وتزهر المعاني بقربك يا صانعة الأمل ،
كدت أن أشبه حضورك بشمس تبعث الحياة في طول كينونتي وعرضها وخفت لأنك بلسما يدفئ ولا يحرق ، وأردت أن أشبهك بالقمر فلم أستطع فأنت لا تخفيك غيوم العالم أجمع حين تسطعين ، تدفئين أناملي فأمسي قادرا علي سطر الحرف بحضورك الذي يهزني حتي النخاع ، فاخرج من أعماق أعماقي كل مشاعري التي إحتجزتها لأجلك انت وفقط ، يعيدني عطرك البهي إلي حظيرة البوح قانعا بأني حين أكتبك إنما أكتب ذاتي ، وحين أصفك إنما أسطرني علي صفحات التاريخ الموشى بروعتك ،
أفتقدك سرا من أسرار البقاء وحلا سحريا لعقم الأحرف التي لا تولد ألا تشوها في غيابك ، مهما تجولت في بحار الكتابة قاصدا ميناء سواك تعيدني بوصلة عشقك إلي أحضان موجك المنساب عبر عينيك فرحا ، المتوطن سكينة والمجنح طمأنينة تطير بي عبر بوابات الحلم التي يسكنها طيفك ،وتعطرها بسمتك ، أحبيني لتزرعي في عروقي نبض الجمال بحضورك الوارف والانيق ، وأعيدي صياغة عمري الممتد عبر شرايينك منذ البدء وحتي فاصلة اللقاء التي إنتظرتها عمرا ، وكوني كما كنت دوما الترياق الذي يعيد للعروق صخبها بعد أن عانقها الثبات ،
في محرابك أنت تصير للحظات قيمة ، وللعمر عبق يحملني كي أنقش التاريخ من أجلك ، وأبعث برسائل العطر عبر الزمان ، فعشقك سيظل الواحة الكبري التي تحتضن تاريخ العشاق وتختزله في أيقونة خالدة ، تعزف لحن البقاء حتي الفناء الأخير ، ورمزا أخضرا يشع بياض الضياء ونقاء الأمل ، تظل كل حروف اللغات عاجزة أمام تفسير شعوري بك أيتها السامقة الثرية بكل المعاني النقية