كل شيء
قصة قصيرة
أ. محمد عبد المجيد الصاوي ـ عضو مؤسس في فرع رابطة الواحة الثقافية في فلسطين
" لا شيء في الحياة يستحق أن تهب له أمنياتك ..
لا شيء في الناس يجعلك تعيش من أجلهم ..
لا شيء لا شيء .. لا شيء ...
الساعة .. الثامنة والنصف ، بقيت ساعة ونصف الساعة حتى يجوده التيار الكهربائي بغياثه ، حتى يعيش كباقي البشر على وجه البسيطة .
صلى المغرب وأخلد للنوم .. نومَ مضطربٍ قلِقٍ ، كي يهرب من كل شيء .. من أمه وأبيه اللذين يقرعانه لأنه لم يذهب إليها .
من أخوته الذين يحيلون البيت سيركا متحركا ..
منها هي ..
وما أدراك ما هي ..
......
فتح جواله ، خمس عشرة مكالمة لم يرد عليها ، خمس رسائل ...
قرأ الرسالة الثالثة :
" الجميع مستغرب ، لمَ لم ْ تأتِ ، الكل مشتاق لك ، وأنا ألاكثر .. سامحك الله "
أغلق الجوال .. وانطلق في حالة من النشوى ..
و أنا الأكثر .
تشتاق إليه ، تحبه ، تخاف عليه ..
بلهفة وشوق لم يألفهما بأعماقه ..
أعاد تشغيل الجوال ، وقرأ رسالتها الرابعة :
أحبك .. أحبك .. أحبك فوق الغيم أنقشها ..
الخامسة :
هكذا تدمي القلب وتعذب الفؤاد . هكذا تجعلني ..
ألعن فرحتي باللقاء ..
أمسك الجوال بيده وقبله ، قبلةَ المحبِّ الولهِ ..
لعن يأساً انتباه طويلا ..
لعن كل من يبغي أن يقتل الابتسامة على شفتيها ..
لعن ذاته ونفسه ..
هو واحد من الذين يشقونها ..
ويكدرون صفو روحها الملائكية ..
لا وقت للتأنيب ، لا وقت ..
ينطلق رنين محبب :
ماضٍ وأعرف ما دربي ..
صوتها وفيه كل عذابات الدنيا :
ـ أسامة ..
ـ نعم
يسمع بكاءً مكتوماً ..
تخبئه خلف أرستقراطية ورثتها عن أمها ..
ـ هل ستأتي ..
أيزيد دلالا ؟
أيزيد شقاوته ؟
لا سيكون المحبَّ المكسور ..
ـ نعم ..سآتي ..
ـ ومعي كل فرحة الدنيا ..
ـ فأنت كل شيء ..
ـ سأحدد موعد الزفاف وبأقرب وقت ، سأضمك ولآخر يوم يكتب لي على وجه الأرض ..
تطلق ضحكة .. فيها رياح الدلال ..
وقد هب شمالها ..
ـ سأنتظر ..
في الطريق إليها ..
ولأول مرة يشعر بأن قلبه وعقله صارا شريكين ..
كل منها يبدع ويعمل ..
كل الكلمات القِدام وكل ما سيقال ..
سيبثه ..
سيعلنه ..
سيغدو شاعرا ..
......
ألقت برأسها على زنديه ..
وغفت طويلا ..
نظرها بكل عشق سيطلقه الشعراء فيما بعد ..
ذاب كما قطعة سكر .. تنهد :
ـ أنت كل شيء .. وأجمل شيء ..
ترد بتنهيدة :
وأنت عمري الذي ابتسم بعد سِني الشقاء ..
ـ متى يمضي ذاك الشهر ويضمنا ..
تغير لونها ..
علت جبينها تقطيبة ..
شخصت عيناها على بنصره الأيمن ..
ثم أطلقت ضحكة عابثة: ..
ـ أين الدبلة ؟ " .