size=6]الأجَل
[/size]
قصة قصيرة
محمد النعمة بيروك
لم ينم أحمدُ منذ ساعات طوال من التّعب، ذلك أقلّ ما يمكن أن يقدّمه لأبيه المريض الحاج عبد الله، الذي وُضِع الكفنُ بالقرب من جسده النّحيل، في انتظار ساعة الأجَل.
كأن هذا الليل يرفض الإفصاح عن صباحه، لا صوت غير أنين أبيه، أو قراءات متقطّعة للقرآن بالتّناوب، من قِبَل قلّة من الساهرين المُنهكين..
كأنهم ينتظرون موت الشيخ على مهل يتسامرون أحيانا:
يقول أحدهم -وكأن الشيخ قد مات فعلا-:
- ترى كم عاش الحاج عبد الله؟
- تسعين سنة ربّما..
- سبحان الله.. مازال يتمتّع بعقله.
كان أحمد ينظر إليهم بامتنان كبير، ثمّ ينظر -ككلِّ ليلة- إلى أبيه، وكأنه يخفي عن نفسه الموتَ الذي يتمنّاه له رحمةً به..
يرفع له الأب يده النحيلة التي تبدو عروقها أكبر من العظم، وكأنه يشير إليه أن يقترب، يسرع كعادته إليه، يهمس الحاج في أذنه بكلمات أشبه بالذبذبات، فيجيب:
"حاضر يا أبي"
ثم يصعد للنوم سويعة قبل بزوغ الفجر..
في الصباح تحُلّ الفاجعة..
يذهب معظم الرجال للدفن، فيما يبدأ الحاج عبد الله في تقبّل العزاء من الوافدين.