قمٌيصٌٌٌ فوقَ الحزام!
سارت ُفي مشيتِها متمايلةً تجحظ المارةَ يمنةً ويسرة.. سار جانبَها زوجٌ نحيلٌ غاضبٌ عضتْ وجهَهُ كدماتٌ سبَّبتها قبضاتُ الشُّرطةُ وأكفُّهمْ..
أصلحتِ الشّالَ الذي لفّ رأسَها ...ثم قالتْ وعلى شفَتيها ابتسامةُ انتصارٍ ...: أعلمُ أنَّهمْ قد قَسوا عليك...إلا إنني أقسمتُ ألا أعودَ إلى البيتِ حتى تنالَ علقةً ساخنةً.!.!.
همسَ إلى نفسِهِ "علقةً ساخنةً فقط يا ابنةَ الكلبِ!...آهٍ ...أيُّ علقةٍ ساخنةٍ يا كلبةُ!......هكذا وسوستْ له نفسُهُ دونَ أن ينبسْ...لقد ملأ المركزَ توسلاً وصراخا دونَ أن يرحمَهُ أحدٌ ..حتى إنَّ رئيسَ الشُّرطةِ قال ، وقد تكالبتِ الشُّرطةُ عليه ركلاً ولطماً ولكماً: حتّى تتعلمَ يا تافهُ كيفَ تُقدِّرُ بناتِ العالمِ...من لا يقدِّرُ زوجةً محترمةً كهذِه يجبْ أن يُداسَ بالنِّعالِ!...
حانتْ منهُ التفاتةٌ إلى حزامِ رئيسِ الشُّرطةِ فرأى قطعةَ القميصِ المثلثةِ ما دونَ الأزرارِ ...قد نفرتْ وأطلتْ من فوق الحزام...فصمتَ وكظمَ صراخهُ رُغم تعاقبِ الضَّرباتِ...ثمّ صعّدَ عينيهِ إلى عينيِّ رئيسِ الشُّرطةِ...فانتبهَ إلى عيني الرَّجلِ المصوّبتين نحو الحِزام..فانتفضَ بحركةٍ تلقائيةٍ يُصلحُ شأنَ قميصِهِ النافرِ فوقَ الحزام إلى أسفلِه...وأمرَ رجالَهُ بالتَّوقفِ...
جلسا ملتصقينَ في المقعدِ المقابلِ للرئيسِ...قال " أنتَ رجلٌ محترمٌ...كذلك زوجُك...وهي تحبُّك...فلا تُغْضبْها ثانيةً وإلاً!...هيا اذهَبا ولا تنسَ أن تبتاعَ َلها هديةً من السُّوقِ كي ترضى عنكَ!"
سارا معاً صوبَ البيتِ بينا صدرُه يعلو ويهبِطُ ليكتم قلباً ثائراً لو شقَّ صدرَه بسكينِ وسمحَ لهُ بالخروجِ...لفلبَ الدُّنيا أعلاها أسفلَها..لكنَّه انتظرَ.. وانتظرَ...حتّى غيَّبَهُ بابُ بيتِهِ..
هناكَ صدرتْ صرخةٌ مدويةٌ لرجُلٍ...ثم صرخاتٌ مستغيثةٌ تتالتْ لامرأةٍ... بدأت حادةً قويةً... ثم خفتتْ حدَّتُها...خفتَت حتى انعدمتْ تماماً...لأنَّ صوتَ الرَّصاصِ كانَ أعلى منْ كلِّ صرخةٍ وأعلى منْ كلِّ استغاثةٍ!
هُرع النّاسُ...أجرى أحدُهم اتّصالا هاتفياً من محلٍ تجاريٍّ مجاورٍ...أقبلتْ سيارةُ الإسعافِ مسرعةً...نقلَ المُسعفونَ إلى السَّيارةِ جثةً لامراةٍ غطّاها شرشفٌ أبيضُ اخترقتْهُ بُقعٌ منْ دماء...ٍ
قدمتْ سيارتانِ للشُّرطةِ ،وقد جلسَ الرئيسُ في المُقعدِ المجاورِ للسائقِ في السّيارةِ الأولى.. دخلَ بعضُ افرادِها البيتَ... فتحَ رئيسُ الشرطةِ بابَ السّيارةِ وترجَّلَ...نظرَ إلى حزامِه...وكذا القميصَ تحتَ الحزامِ فاطمأنَّ..وضع عصاهُ تحتَ إبطه...رفع رأسهُ للأعلى في شموخٍ ووقفَ ينتظرْ...!!