دقت أجراس معابد الحب والخير والجمال في كل الأوطان..استفيقوا بني قومي!!..ارحموا عزيز قوم أذلته تباريح الهوى واهتز منه الفؤاد بلواعج الوجد فأمسى مثل الطريد شريدا يجوب القفار والفيافي والديار.. وكل الأمصار..تتقاذفه أعاصير الليالي والحقب الرهيبة.. تائها ..وحيدا بالأعراء الموحشة.. على الجزر النائية بلا شطآن،وفي غور الأجبُل الشامخات..
يسائل العشب والخمائل والطير والزهر والوادي الغريب..يتفرس وجوه الرائحين والغادين في كل البلاد..يفتش عن وجه أضاع صلاته وصيامه ونسكه..فيا ليته ماكان من العابدين...!!
أين انت يا أنشودة الآنام في كل الدهور؟؟..ياعصارة الرياحين بين حبات الزهور!!..هوذا صوتك المهموس يترامى إلى مسمعي رنانا ..عذبا نميرا..آت من وراء ستائر الأزمان ..يسري في أوردة مهجتي ،فإذا أنا صريع أتلظى أمام المعابد والصلبان..يهتف بي من أعالي الصوامع : أنا معبودتك أيها الفتى الضال..فهات قرابينك واصدع بابتهالاتك وواصل طقوسك.. فأنا قابعة هنا في محاريب الزاهدين..أشقى بلهيب الانتظار..أرقب انحناءة هامتك في خنوع وانصياع...
يدثرني المحراب القدسي بجلاله..أركع أنا الراهب الولهان خشوعا وطيفك يجللني كهالة القديسين..تغمر كياني في سراديب الوجود .. يتراءى لي وجهك العنبري كما غروب الشمس وشعرك المعسول كالضياء عند هبّات الأصيل.. يداعب نسائم روحي..تأسرني بسماتك الساحرة فأغدو كما المأسور تتجاذبه أغلال الهيام..كما الصبح إذا تنفس،تجتاحني على حين غرة ضحكاتك المتلألئة كبريق ينساب سلسبيلا بين مروج الجنان..
وهاتان عيناك الزرقاوان آيتان بيّنتان صداحتان في تراتيل الرهبان..وصدى عطرك الفياح ترنيمة على وقع البيان..ترحل بي نسائم عبق همسك الفياح إلى السدائم البعيدة الأكوان ..
فيابني قومي ..رحماكم !!..أنا المسكون بأشباح الوالهين في الليل البهيم،بين قيامي وقعودي ومضجعي ورقودي وانتصابي وممشاي..أنا الراهب المقروح..أنا العاشق الاشعث المعتوه بين مضارب العشيرة..أنا التائه المصدوم بحرقة الصبابة...أنا الآبق المخبول في عز الظهيرة..فهلا حدبتم على أفئدة المتيمين ومسحتم أدمع العاشقين !!..إن لكم في سعيكم لا محالة أجرا وثوابا...!!