ظاهرة بلا عنوان
---------------------------
تلوا عليّ كلام الأولين
ومن تجاربهم لب القول
وجمال الأدب وجميل القول
نبع الصفاء
عن كل سوء قد نأوا
أجل كذلك كانوا ،
والكلمة في أفواهم ذات عمق وجمال
وذات صيت واستمرار
كنز نفيس ،
تغنى به العظماء
كان لها
نبرة ناعمة ونغمٌ أخاذ
حوت أعذب الألحان
تطرب لها النفوس وتهفو إليها القلوب
ألق وسمو ورفعة وسناء
اليوم استيقظنا ،
على نغم شارد
على جلبة غريبة وضجيج النشاز
خِلْت من تظاهروا بلابلا
حلقت حول الجِيَفِ
شدت بنعيق الغربان
لم ترقها ألحان الخلود
تغاضت بسمعها عن
تغاريد الطيور .
عزفوا ألحانا من صخب
مالت واهتزت وتكسرت أجسامهم على إيقاعات التمرد والمجون ،
هاموا على وجوههم في كل ناحية ،
لايذكرون شيئا
عن الحضارات
عن أناس كانوا عبر الزمان مَثَلا
لم يحدثوا أنفسهم عن هؤلاء ،
عن طبعهم ،
عن تحدياتهم ،
عن أهدافهم ،
ما هكذا تصنع البطولات،
وما هكذا تُجتَاز العقبات
فئة شاحت بوجهها
عن الفن الجميل ،
وتاهت في غياهب الرذيلة والفجور
أولئك السفهاء
لم نَأْنس منهم رُشدا ،
بالغوا
في التفاهات
رفعوا
شعارات التمرد ،
شعارات الفشل
كان المشهد
بلا هوية ، بلا عنوان
بلا هدى
بلا هدف
في أيديهم شهروا
سلاح السّطو والعبث
وبدا المشهد
كأبشع مايكون ،
ثلة ممن ساروا على غير هدى
حملوا أسلحة
توارت وجوههم خلف أقنعة
ضلوا سبيل المجد
رأيتهم
في عبثهم يعمهون
يرمون بكل جميل وأصيل
في نفق حداثة مزيفة
تناسوا بأفعالهم مكارم الأخلاق
وبكل قيمة عبثوا
عن كل رموز الحضارة ،
صَعّرُوا خدودهم
نادوا على المستحيلات
فكان العبث،
طربوا على وقع الصخب
على وقع موسيقى
تؤذي بسماعها
كلّ ذي حِسّ
وكلّ لبيب،
إنهم من هنا
ومن هناك
أجمعوا على أمر
يأتي على كل شيء
وكانوا كغثاء سيل جارف
عاثوا فسادا
فلا عنوان لما أقدموا عليه
رجعت إلى تاريخ بلادي
لِأصِل الحاضر بالماضي
لأذكر به العابثين ،
أمعن النظر في أروقة المتاحف
وبين صفحات معاجم الاثار
و مجلدات الموسوعات العالمية
أتذكر أخبار حياة
الأبطال القدامى
حيث البطولات
حيث الحقيقة
حيث السكينة والوقار
حيث لبّ القول وجميل الكلام
وعظيم الفعل
حيث يفوح أريج الزهر
وعبق الورد .
لأعود إلى زمن الوِدّ
زمن الصفاء والنور البهي ،
إلى أيام ولَّت
ولم يبق منها
إلا أطلال شاهدة،
إلا كلمات سمت
بسحرها المبهج ،
أسرت بنا من عالم الضّنك والملل
إلى عالم الحبور واستشعار الأمل
وتعاقب الليل والنهار
وكان نبراس كل ذلك
نورا على نور
عجبت ممن زاغوا عن الحق ،
اعترضوا قطار الزمن بتفاهات
دنست العمل البطولي
حادت عن الصواب
تنكبت طريق الحق
وعنونت أفعالها
" بالتشرميل "
ذهب الحق ببروزها بدعة
أوقدت شرارة الباطل
جادل مبتدعوها بغير علم .
سطعت شمس الحق فجأة ،
وانجلت ظلمة لم تلبث
إلا عشية أوضحاها .
وظهر الحق
وزهق الباطل
في مغرب
غاب عنه كل سوء .