بسم الله الرحمن الرحيم
لقد وجدت بحثاً مفصلاً عن الموضوع ، رابطه مذكور، وقد لخصته لكم بما يلي:
كان الزائدة/ د.ضياء الدين الجماس
لا تزاد "كان" في مطلع الجملة ولا آخرها، لكنها قَدْ تُزادُ في حَشْوها بين مكونين رئيسيين للجملة، وغالباً ما يكون الغرض من هذا الاستعمال الإشارة إلى الزمن الماضي أو التوكيد أو كليهما، ومن هذه المكونات ما يلي :
1- بين المسند والمسند إليه: ولهذا الموضع عدة صور:
أ) بين الفعل والفاعل: قال الشاعر:
ولـَبـِسْتُ سِرْبالَ الشبابِ أزورها .... ولـَنِعْمَ كانَ شَبيبةُ المُخْتال
ب) بين الفعل ونائب الفاعل: قال أبو عبيدة: "سمعت قيس بن غالب البدري يقول: " وَلـَدَتْ فاطمةُ بنت الخـُرْشُبِ الكملةَ من بني عبس لم يوجدْ كانَ مثلـُهم". أي لم يوجد مثلهم"
جـ) بين المبتدأ والخبر: ومن ذلك قول أبي أمامة الباهلي- رضي الله عنه -: "أوَ نبيٌّ كانَ آدمُ"
وقد استشهد على ذلك أحد الباحثين بقول الشاعرة:
ما كانَ ضَرَّكَ لو مَنَنْتَ و رُبَّما مَنَّ الفتى و هو المَغِيظُ المُحْنَقُ
والحق أنه يجوز إعراب "كانَ" هنا زائدة لكن يجوز أيضًا أن تكون ناقصةً على أن يكون اسمها ضميرًا يعود إلى "ما" الاستفهامية وجملة "ضرَّك" في محل نصب خبرها، والمعوّل عليه في الشـواهد ما لا يتطـرق إليـه الاحتـمال لأنـه مع دخول الاحتمال يبطل الاستدلال.
ويدخل في هذا مجيء "كانَ" الزائدة بين "ما" التعجبية و"أفعل" التعجب؛ فمن ذلك قول امرئ القيس:
أرى أمَّ عمروٍ دمعُها قـَدْ تـَحَدَّرا.... بُكاءً على عمرو وما كانَ أصبرا
و من ذلك أيضًا قول عروة بن أذينة:
ما كانَ أَحسنَ فيكَ العيشَ مُؤْتَنِفًا ..... غَضًّا و أطيبَ في آصالِكَ الأُصُلا
د) بين اسم "إنّ" وخبرها: حكى الخليل بن أحمد عن العرب قولهم: "إنّ مِنْ أفضلِهم كانَ زيدًا" على أنّ المقصود: "إنّ من أفضلهم زيدًا" على إلغاء "كانَ".
2- بين الصفة والموصوف: كما في قول الفرزدق:
في غرفِ الجنّةِ العليا التي وَجَبَتْ لهم هناك بسعي ٍ كان مشكورِ .
أي "بسعي مشكور" على أنّ "كانَ" زائدة.
ومن شواهده قول الراجز:
إلى كِناسٍ كانَ مستعيدِ
أي "كناس مستعيد" على تقدير زيادة "كانَ".
وقد جعل الخليل وسيبويه من ذلك قول الفرزدق:
فكيفَ إذا مَرَرْتَ بـِدارِ قومٍ ...وجيـرانٍ لنا كانوا كرامِ.
إذ المعنى – في رأيهما – "وجيران لنا كرام" بتقدير زيادة "كانَ"،
و"كانَ" الزائدة لا تعمل عند الجمهور، وعامة القائلين إنها تعمل لم يذكروا أنها تعمل في غير الضمير المستتر.
3- بين المعطوف و المعطوف عليه:
و من ذلك قول الفرزدق:
في حَوْمَةٍ غَمَرَتْ أباكَ بحورُها ...في الجاهليةِ كانَ و الإسلامِ .
أي "في الجاهلية و الإسلامِ" و "كانَ" زائدة.
4- بين حرف الجر والاسم المجرور:
كقول الشاعر:
سَراةُ بني أبي بكرٍ تَسامى .... على كانَ المُسَوَّمَةِ العِرابِ.
أي "على المسوّمة العراب" و "كانَ" هنا تُعدّ زائدةً.
"كانَ" الزائدة أهي قياسية أم سماعية؟
يظهر أنّ النحويين الذين بحثوا في هذه المسألة لهم تفصيل؛ فهم يرون أنّ زيادة "كانَ" قياسية بين "ما" التعجبية و فعل التعجب، و شاذة بين حرف الجر و الاسم المجرور، و سماعية فيما عدا ذلك.
هل يزاد سائر الأفعال الناقصة كما زيدت "كانَ"؟
جمهور النحويين لا يجيزون زيادة فعل من الأفعال الناقصة خلا "كانَ" لكنّ الكوفيين أجازوا زيادة "أصبحَ" و "أمسى" خاصة لورود السماع بزيادتهما فقد حكوا عن العرب قولهم: "ما أصبحَ أبْرَدَهَا" و "ما أمسى أَدْفَـأها".
و قد انفرد الفراء عن الكوفيين بتوسعه في القياس على أساس ما سُمع من زيادة "أصبحَ" و "أمسى"، فأجاز زيادة الأفعال الناقصة قاطبة. و القياس أصل من أصول العربية لكن الإفراط فيه غير محمود.
و في الختام يحسن عرض الخلاصة التالية:
1- ـ"كانَ" بالزائدة يمكن حذفها دون أن يؤثر هذا الحذف على النسيج النحوي للجملة.
2- الراجح أنّ "كانَ" الزائدة لا تعمل خلافـًا لمن قال إنها ترفع ضميرًا مستترًا على أنـَّه فاعل.
3- تدل "كانَ" الزائدة على الماضي إذا لم يوجد في الجملة ما يدل عليه، أما إذا وجد ما يدل على الماضي فإنّ دورها يقتصر على توكيد هذه الدلالة.
4- ترد "كانَ" زائدةً في كلام العرب بين المتلازمين في مواضع مخصوصة هي: المسند و المسند إليه، و الصفة و الموصوف، و المعطوف و المعطوف عليه، و حرف الجر و الاسم المجرور.
5- الأظهر أنّ زيادة "كانَ" قياسيَّة إذا روعي أمران؛ أحدهما: أن يكون استعمالها محدودًا فلا يُستكثر منه، و الآخر: أن يُقتصر في زيادتها على المواضع المسموعة من كلام العرب مع ملاحظة ما في استعمال "كانَ" زائدةً بين حرف الجر و اسم المجرور من غرابة تنفر الأذن العربية منها و هو أمر راجع إلى نُدرة الفصل بين الجار و المجرور في لسان العرب.
6- "كانَ" الزائدة غير متصرفة فلا ترد إلا على صيغة الماضي.
7- لا تـُزاد الأفعال الناقصة قياسًا على "كانَ" و إن وردت زيادة شيءٍ منها في نصوص محدودة لا يُقاس عليها. .