في رَدْهةِ أحدِ الأسواقِ الكبيرةِ المُغطّاةِ في مَدينةٍ من إحدى عَواصِمِ الذُّلِّ والعارِ ؛ بَدأَ حِوارٌ بَريءٌ بين طِفلين صغيرين . لَم يَكُن حوارًا عاديًا ، ولم يَكُن بالكلام ، كان بحركاتٍ عفويةٍ طُفوليةٍ حيثُ أَخذا يُقلِّدانِ بعضَهُما ويَضحكانِ سرورًا دُونَ أن يَعرِفَ أحدُهما الآخرَ قَبلَ ذلك .
لَفتَ هذا اللعبُ البريءُ العَفويُّ انتباهَ بعضِ الأطفالِ الذين كانوا يمُرُّونَ مع أهاليهِم وصاروا يَنضمّونَ لذلك الحوارِ الجسديِّ الجميلِ المُفْعَمِ بالحَياةِ والنَّشاطِ وتتواصلُ أرواحُهُم وقُلوبُهُم عَبرَهُ بالمعاني الإِنسانيةِ الفِطْريةِ والمشاعِرِ الطّاهِرَةِ النَّقِيةِ التي لا يَشُوبُها طَمَعٌ ولا غِشٌّ ولا حِقدٌ ولا شرّ ، و تهادَتْ أصواتُهم الشَدِيّةُ الرقيقةُ مُتناغِمةً مُبْهِجَةً لأهليهِمْ والناسِ الذينَ تَحَلّقُوا حَولَهُم يُراقِبون حركاتِهِم الرشيقةَ ولَعِبَهُم الجَميلَ دونَ أن يَتَدخلُوا بِهِم أو يَحُدُّوا مِن عَفويتِهِم .
لَكنَّ الأمرَ لَمْ يَطُل قَبْلَ أن تَتَدخَّلَ ثُلةٌ مِنْ عابِسي الوُجوهْ ذوي اللّباسِ الرماديّ لِتَفْريقِهِم .
--------------
بتصرف ، عن حادثة حقيقية