أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 11

الموضوع: صغيري الحبيب

  1. #1
    الصورة الرمزية خديجة منصور رسامة وأديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2007
    المشاركات : 263
    المواضيع : 46
    الردود : 263
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي صغيري الحبيب

    ........فرحتي
    أسكنتك آلامي
    ألبستك جروحي
    ملأتك دموعي
    قصارى ما أجد في راهني
    لتصنع سعادة.... لتبني مجدا
    فأنت........ بذرة أملي


    صغيري الحبيب


    رفعت سماعة الهاتف للمرة الخامسة... كونت رقما...أجاب والدها
    - نعم أبي..كيف حال امي الآن...الحمد لله..نعم هذه أرقام طبيعية للضغط...أهي نائمة...لا... لا توقظها ...كنت أريد.....فقط......كنت أريد... أن أطمئن عليها...نعم الصغير معي الآن... تركته مع أبيه ليلا.....كل شيء بخير أبي، نعم أبي...تعبة بعض الشيء فالحركة في المستعجلات تزداد ليلا....نعم سأحاول أن أرتاح... الله يخليك أبي...ابلغ سلامي لوالدتي ... سبحانه الشافي العافي...السلام عليكم"

    نظراته ما زالت تتبعها، منذ بدأت رحلتها الهاتفية وهو يراقبها بعينيه الدائريتين ...ابتسمت له .....اقتربت منه ورنت بوجهها ....سبحت في لون قزحيته العسلي المشوب بصفرة هفهافة...."يبدو أنك سترافقني يا بطل"...رفع يده الصغيرة وتردد الفطرة يلبسها فيسفر عن حركة غالبا ما تخطئ هدفها....لامست الأنامل الصغيرة المكتنزة...وجهها...وجنتها ..شفتيها...فطبعت عليهم قبلة...ورفعت فلذتها الغالية بين يديها وهي تعانقها بشدة.

    أوقفت السيارة أمام الباب الواسع، أخذته من كرسيه في المقعد الخلفي و وضعته في العربة الصغيرة، تقدمت والملف المليء بالأوراق يتأبط ذراعها....اختارت مكانا في البهو الواسع للمتجر.....أخذت بضع من الأوراق و وضعت الملف في سلة العربة الصغيرة....عينيه لا تفارقانها...وابتسامتها تترقرق في شفتيها كلما نظرت إليه...

    " المقاطعة"..." إبدأوا بالمقاطعة"...." انتبهوا ...بضاعتهم تقتلنا"...." كل فلس تشتري به بضاعة أمريكية وإسرائيلية...سيتحول إلى رصاصة تستقر في قلب مسلم"
    كانت تحاول أن تصل إلى الكل...وردات الفعل المعتادة تتوالى...ابتسامة فاترة، لامبالاة، استنكار، ابتسامة متضامنة، تساؤل ...وهو يقلب وجهه فيهم وتستقر منه العينان على وجهها ...ترمقه في حنان وتضيء وجهها ابتسامة...
    إلى برهة ...اختفت الابتسامة وهي ترى إلى جانبه أحد حراس المحل بقامته الطويلة و جسمه الضخم..فسارعت تلتهم برجلها الخطوة التي تبعدها عنه..." سيدتي ..اذهبي من هنا...لا نريد مشاكل"...كادت تفتح فاها احتجاجا لكن شيء ما في عينيه جعلها تعدل عن ذلك وتجر العربة خارج المحل.

    جلست معه في المقعد الخلفي لترضعه...ثم رفعته في رفق وهي تمرر أنفها على أنفه الصغير.." أمستعد يا بطل لمحطة أخرى"...و تراءى لها شعاع في العينين هو ربما دليل الشبع لكنها أبت إلا ان تجعله في قرارة نفسها استجابة روحية لسؤالها.

    فتحت الباب في عناء..وجسم صغيرها النائم يكاد يفقد ذراعيها آخر رمق من القوة...وضعته في سريره برفق شديد رغم ارتعاش التعب الذي بدأ يتخلل حركات يديها...اتجهت نحو المطبخ ...فتحت الثلاجة...أخذت قطع الثلج ولفتها في قماش ...وضعتها على وجنتها وهي تتجه نحو الحمام....هالتها نظراتها...جعلتها تغوص في عينيها لتستقر في قلبها المجروح....وكادت تطلق لدموعها العنان حتى تستنفذها كلها...لكن صوت المفتاح في الباب سرقها من لحظة تسترجع بها قواها في كل مرة....." من فعل بك هذا"..قالها في هلع...نظرت إلى زوجها وهي تخبئ بالقماش البارد وجنتها المتورمة ...." الباب...ارتطمت بباب السيارة.." ..."أمتأكدة؟"...."نعم"..." وزعت اليوم شيئا من أوراقك؟"..."نعم".

    أبدلت ثيابه..وأعادته إلى سريره و هو ما يزال نائما.... همست في حنان " أتعبتك معي صغيري الحبيب"...فتحركت شفتاه الصغيرتان لترسم شبه... ابتسامة...



    ***************

    " آلو...سيدتي يرجى حضورك الآن حالا....نعم بخصوص طفلك...نحن الآن في موقف السيارات...بالمحل التجاري الكبير...نعم ..هو ذاك..."
    رغم خفقان قلبها وما يجعله يتلوى في صدرها .....لن تجزع أكثر حتى تصل لتعرف ما لم يستطيعوا إخبارها إياه في الهاتف.......نزلت من السيارة وملامحها صامدة إلا من اصفرار يغمرها و ليس لها يد في إخفائه، ظهرت لها سيارة المدرسة، اقتربت بخطوات مسرعة تراها هي بطيئة، رأتها إحدى المدرسات فأسرعت إليها...أنصتت إليها باهتمام وهي تخفض رأسها..و رفعته حين أشارت المدرسة بيدها إلى السيارة و إلى بعض الأطفال في ساحة الموقف....اتجهت إلى سيارة المدرسة بخطى ثابتة...كان يضع جبهته وأنفه الصغير على زجاج نافذة السيارة...طرقت طرقا خفيفا الزجاج حيث أنفه وابتسمت" أيها الأفطس الصغير" ...لم يرد ابتسامتها...وابتعد من النافذة...دخلت إلى السيارة...جلست قربه ...لم تنبس بكلمة...اختلس نظرة إلى وجهها..كانت فرحة عارمة تغمر الوجه الذي استحال اصفراره إلى لون الزهور اليانعة ولو لم يكن لرمز الفرح في محياها أثر...نظر إليها ثانية بشدة و بتردد الكلمات التي لا تعرف كيف تعبر عن أحاسيس تجول في خاطر عمره ثلاث سنوات..قال" لن أدخل... هذا المطعم ولن آكل ...شيئا...ولن أخرج.... من السيارة...وأريد... أن أعود للبيت"...نظرت إلى المطعم المزين بالأحمر والأصفر والاسم المكتوب بحروف لاتنية كبيرة "ماكدونالدز"...وابتسمت ابتسامة الظفر...و كأنه انتظر هذه الإشارة...قفز إليها و لف ذراعيه الصغيرتين حول عنقها وهو يناديها ويضحك في فرح طفولي... رائع هو .... صغيرها الحبيب.

  2. #2
    الصورة الرمزية وفاء شوكت خضر أديبة وقاصة
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : موطن الحزن والفقد
    المشاركات : 9,734
    المواضيع : 296
    الردود : 9734
    المعدل اليومي : 1.48

    افتراضي

    الأديبة القاصة الرائعة / خديجة منصور ..

    أي يراع تملكين حتى يكون طوع أفكارك ، أقسم أني لم أقرأ لقاصة مثلك توظف الفكرة والمشاعر ، لتكتب بأسلوب قصصي متمكن ، يسلب المتلقي مشاعره كلها وكل تركيزة ، ليبقى داخل النص ينهل بشوق كل حرف ولا يدري كيف يخرج من سطوتك عليه .

    لن أعلق بأكثر من ....
    أسجل إعجابي أيتها الأديبة العملاقة ..
    نصك يحتاج لوقفة طويلة ، فكرة وأسلوبا ، بسطاة اختيار المفردة ، والسرد الذكي المشوق ، والإحساس الصادق الذي يمنح النص بعضا من روحك وأنفاسك ، تجعل من نصك تحفة أدبية راقية .

    لا أعتقدني جاملت ولا أفرطت في المديح ..
    تقبلي جل احترامي لشخصك وقلمك وأدبك .
    //عندما تشتد المواقف الأشداء هم المستمرون//

  3. #3
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    العزيزة خديجة..
    غوص وتعمق في الحياة اليومية/ برؤية وتعمق/ وانتقاء وتقنية/ جعلت من الزمان وتعاقبه ينساب مع انسيابة الحكي/ التمكن من خيط السرد/ ومن مساره عبر ازمنة الحكي/لغة رصينة/اعطت للنص جماله ودلالته اللغوية/الفضاء متداخل /مكان الحكي يحمل سمة حركية واضحة/وتحكم في سيرورة الزمن وتواليه/ المضمون/ مادة الحكي جاءت تفضي للمتلقي الكثير من المشاعر/ وتعطيه شحنات اخرى/ بحيث تبقى عالقة في ذهنه/ وتبقى الاسئلة تتوادر عليها دون انقطاع.

    النص بلاشك رائع

    محبتي لك
    جوتيار
    رمضان كريم

  4. #4
    الصورة الرمزية خديجة منصور رسامة وأديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2007
    المشاركات : 263
    المواضيع : 46
    الردود : 263
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    العزيزة وفاء، تغمرينني فرحا بطلتك و كلماتك الندية...أسعد الله أيامك
    الفاضل جوتيار، لا حرمنا الله من تحليلك الهادف البليغ...لك أجمل المتمنيات

  5. #5
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    تحمل قضيتها في رزمة أوراق تدعو لوقفة في مواجهة الإهتداء الذي يتعرض له أهلها، وتواجه بقوة وحزم واقعها المعترض على نضالها ذاك، وتكابر وتتحدى حتى الرمق ما قبل الأخير .. وبقفزة تبتلع ثلاثا من السنوات تنقلنا الكاتبة إلى حيث مشهد يعلن أروع الحصاد ، فثمة إرث بتوجه نضالي تحقق في البرعم الصغير

    سرد بالغ التشويق وأداء جميل وفكرة قوية الرسالة جميلة الطرح

    وددت لو استعاضت الكاتبة عن تلك النقاط التي استخدمت فواصل في النص بعلامات الترقيم


    دمت بخير غاليتي


    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  6. #6

  7. #7
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,133
    المواضيع : 318
    الردود : 21133
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    سرد ممتع بلغة معبرة لقصة جميلة حملت فكرة رائعة
    تتمتعين بمهارة قصية عالية، وتمتلكين قلما رائعا وفكرا خصبا
    ولنصوصك عبق مختلف
    قرأت فاستمتعت... تحياتي وتقديري.

  8. #8
    الصورة الرمزية خلود محمد جمعة أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    المشاركات : 7,724
    المواضيع : 79
    الردود : 7724
    المعدل اليومي : 1.99

    افتراضي

    رسالة قوية
    سرد مشوق وفكرة عميقة
    وفضية حيكت بمهارة
    دمت بخير
    اسجل اعجابي
    تقديري

  9. #9
    أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2014
    المشاركات : 473
    المواضيع : 6
    الردود : 473
    المعدل اليومي : 0.13

    افتراضي

    مناضلة ونضال ومجتمع يعوق العمل وقضية يحملها الإبن عن أبيه
    قصتك رائعة
    تقديري

  10. #10
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 392
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.13

    افتراضي

    قدرة فائقة على صياغة الفكرة وإلباسها حلة أدبية بلغة مكينة وسرد ماتع وحبكة قوية
    بوركت واليراع الفريدة
    ومرحبا بك في واحتك
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. يا صغيري
    بواسطة الدكتور ضياء الدين الجماس في المنتدى أَدَبُ الطِّفْلِ (لأطفالنا نحكي)
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 10-12-2022, 08:09 PM
  2. أريدُ صغيري ..
    بواسطة زاهية في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 23-06-2006, 11:42 PM
  3. هل تعلم ... صغيري
    بواسطة عبلة محمد زقزوق في المنتدى أَدَبُ الطِّفْلِ (لأطفالنا نحكي)
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 02-05-2006, 10:52 AM
  4. عُذْرَاً صَغِيرِي
    بواسطة ابن حيزان في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 21-12-2005, 11:05 PM
  5. إلى أخى الحبيب / جمال حمدان
    بواسطة بـاسل في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-03-2003, 09:18 PM