|
غاضَ فكري واستيأسَ المُمتاحُ |
رَنِقٌ قاعُه فأنّى القَرَاحُ |
وقَلِيبٌ أغوارُه داجياتٌ |
ما جَلاها شمعٌ ولا إصباحُ |
عَبثاً أقدحُ الزنادَ برَدْمٍ |
ما أثارتْه قبسةٌ وانقداحُ |
وحذفتُ الحصاةَ فيه استماحاً |
فحباني دوائراً تنداحُ |
حائمٌ حولَه يذودُ دِلائي |
طال حبلي وعزّ منه انتضاحُ |
وعميقٌ في الغورِ غَرَّ رشائي |
إذْ تدلّى وماؤه ضَحضاحُ |
يا لرَحمِ العقيمِ ما هزّه للآنَ |
فَحصٌ لفكرةٍ وصياحُ |
وجِنانٌ تنكّبَ الغيثُ عنها |
مُقفراتٌ عريشُها صَوّاحُ |
ظماٌ في الشفاهِ يقطرُ بؤساً |
ويراعٌ من صومِه مُلتاحُ |
ناظراً أرقُبُ الغَياثَ وما من |
غيمةٍ ضاء برقُها اللمّاحُ |
ساهراً أمسحُ الضُّروعَ عِجافاً |
كيف يبتلُّ إصبعي المسّاحُ |
أرِقاً في دجُنّةِ الليلِ أرجو |
الفتحَ حتى تثاءب المصباحُ |
عالَمٌ من سَمِّ الخِياطِ أراه |
ضيِّقَ الصدرِ عزّني الإنشراحُ |
أناْ رهنُ الحصارِ فيه وكم رُمتُ |
خلاصاً فهل خلاصي مُتاحُ |
نقمةُ العجزِ تغتلي في عروقي |
والمنى هدّها الأسى المُجتاحُ |
أكلَ الجَدْبُ فيَّ مِنسأتي قد |
خَرَّ فكري وانسلّت الأرواحُ |
وقلاني مُسخَّرٌ عبقريٌّ |
وانطوت بعدَهُ الأمالي الصِّحاحُ |
أين من نفثةٍ له مِلءَ رَوعي |
أين وحيٌ يبثّه وبواحُ |
وأُناغي قصيدةً راودتْها |
النفسُ رَدحاً فما عَناها سِفاحُ |
أين مني قصائدٌ ولّدَتْها |
من خيالي رؤىً وفكرٌ لَقاحُ |
وقوافٍ مثلَ الجُمانِ أضاءت |
واشتهتْها في الجِيدِ منها المِلاحُ |
وخيالٌ محلّقٌ كبُراقٍ |
لمدى عينِه يطير الجناحُ |
وسُلافٌ من كَرمةِ الفكرِ يهمي |
حَلبُها نِعمَ دَنُّها والراحُ |
ويراعٌ كالسمهريِّ انتصاباً |
كم تحاشتهُ في الطعانِ رماحُ |
وطليٌِّ من رائقِ الحرفِ تزهو |
من نداه مفاوزٌ وبطاحُ |
وشفيفٌ للبوحِ قد زاد حسناً |
حين أخفاه في السطورِ وشاحُ |
يا لهذا الفؤادِ كم يتعنّى |
من شجاً قد فاضت به الأقداحُ |
ويراعي الذي عفا منه رسمٌ |
لحروفٍ يخونه الإفصاحُ |
ها أنا ذا أجترُّ نفسي كماضٍ |
أصفرِ الطَّرسِ كلُّه أشباحُ |
كلُّ ما قلتُ آنفاً مستعادٌ |
كخريفٍ تداوَرَتْه الرياحُ |
أنظم القولَ كالحواشي لمتنٍ |
غابرٍ كَرَّ فوقه الشُّراحُ |
كاتبٌ خَطّ عرضَ حالٍ وما |
ثمّةَ إلا ديباجةٌ واصطلاحُ |
كصلاةِ الكُهّانِ أو مثلما قد |
سجَعتْ في بني تميمٍ سَجاحُ |
فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن |
ليس شعراً وإنما مفتاحُ. |